هذه رواية عن الحب المرضي، عن الهوس عندما يستحوذ على المرء فيسلبه لبه، ليصير كالمجذوب فاقد الأمل في الشفاء بل وفاقد الرغبة فيه كذلك!
يصوغ يوسا بقلمه الشيطاني علاقة من أعقد ما يمكن، بين بطله المترجم المسالم متواضع الطموح المحكوم عليه بلعنة أزلية هي عشق الطفلة الخبيثة أو المرأة ذات الألف وجه، ليقع في هوى كل وجه تظهر له به كل بضع سنوات، وهو يعرف يقيناً أن المرأة تتلاعب به، وأنها ستؤذيه في كل مرة وستترك في قلبه جرحاً أعمق مما سبقه، إلا أنه يقبل هذا الثمن صاغرا نظير لحظات قليلة من النشوة التي يدفع نظيرها ثمناً باهظا من روحه وأعصابه، كالواقع في مصيدة أبدية لا فكاك منها.
التفاصيل التي يرسمها يوسا ببراعته المعتادة هي التي تمنح الرواية عبقريتها، بشخصيات بطليها الرئيسين وأبطالها الثانويون، ومدنها العديدة من البيرو لباريس للندن لباريس لليابان لباريس المحل المختار لبطلنا ، وزمانها الممتد من الخمسينات للتسعينات، واستعراضها لأبرز تحولات العالم على كافة الأصعدة طوال تلك الحقبة الثرية.
الخلاصة أن سر جمال هذه الرواية يكمن في الإتقان، الإتقان في رسم تفاصيل الشخصيات المركبة والعلاقات المعقدة، أدق تفاصيلها، لا توجد تفصيلة هنا لا لزوم لها، وهذا ما جعل القصة ممكنة، ومؤلمة، وممتعة لأقصى درجة.