أدركت أنه من العبث السعي وراء جواب على سؤالي في المعرفة المبنية على العقل ،ووثقت بأن الجواب الذي تقدمه مثل هذه المعرفة ليس إلا دليلاً وضحا على أن الجواب مستحيل مالم يوضع السؤال بطريقة أخرى تجعله شاملا للعلاقة بين المحدود وغير المحدود. وأدركت أيضا أن الأجوبة التي يقدمها الإيمان مهما خالفت أحكام العقل وتمردت على شرائعه، فهي تقدم لكل سؤال العلاقة بين المحدود وغير المحدود. وبدون هذه العلاقة لايمكننا الحصول على جواب ما.
اعتراف تولستوى
نبذة عن الكتاب
في كتابه (اعتراف) يسأل ليوتولستوي: "ما هي نتيجة ما أقوم به اليوم؟ ماذا عساي أن أفعل في يوم الغد؟ ماذا قدمت لحياتي وما هي محصلتها في نهاية المطاف" وبدأ بالبحث عن الجواب في أغوار الفلسفة والعلم التجريبي معاً، وبعد طول تجربة اعترف بأن الإيمان الحق، الإيمان الضروري، هو الذي يعطي للحياة معناها. في هذا الكتاب يستعرض ليوتولستوي (1828- 1910) محاولاته في الرد على السؤال الوجودي الأبدي عن معنى الحياة والوجود، وهي تساؤلات مطروحة منذ آلاف السنين قبله في شكل أسئلة وجودية كبرى لا تزال قائمة إلى اليوم. هذه التساؤلات كادت تدفعه إلى الإنتحار والتي جعلت من تولستوي يكتشف أن البشرية ما كانت لتستمر في هذه الحياة لولا ذلك التفسير الذي يلغي العقل من خلال فكرة الإيمان التي يعرَفها على أنها "فهم لمعنى حياة الإنسان وأن الإيمان هو قوة الحياة". توصل تولستوي إلى هذا الرأي من مراقبته لبسطاء الناس في تعاملهم مع الحياة ووجد أن العمل المثمر الذي يعود بالنفع على الإنسان والآخرين هو قوة الحياة ومعناها، وبذلك يرتبط الوجود بالإيمان الفطري، وعندما يفقد المرء ذلك الإحساس بالطمأنينة الروحية مهما كان مصدرها يشعر بأنه ميت. هذه الرؤية الفلسفية التي يقدمها تولستوي في (اعتراف) لا تبتعد كثيراً عن نشأته الأولى وتأثره بالفكر الديني الذي تربى عليه على الرغم من التساؤلات الخطيرة التي ظل يطرحها بشأن وجود الله. بيد أنه يخرج باستنتاج مفاده "أن الله موجود معه في داخله ولا يمكن أن يحيا بدونه وبذلك يكون الله هو مصدر الحياة وهو الحياة" وهي المعادلة التي أنقذته من حالة القنوط والرغبة في الإنتحار. - عبر صفحات هذا الكتاب سنعرف عن تولستوي أكثر في (16) اعترافاً يتم فيها مناقشة كل ما يسمى حياة الناس؛ من معتقدات وأفكار وسلوكات، تنطبق في كثير من وجوهها على الحياة المعاصرة التي يحياها ابن الإنسان؛ مثل عدم قبول الآخر؛ الثقافة المتزنة، التعصب الأعمى، جرائم القتل باسم الدين والإيمان للقضاء على الهرطقة والكفر... وبذلك يكون (اعتراف) تولستوي هو اعترافنا بالأخطاء نفسها ولكن في زمن التكنولوجيا الهدامة.. والتي استبدلت هرطقة الكنيسة بهرطقة الساسة.التصنيف
عن الطبعة
- نشر سنة 2013
- 112 صفحة
- [ردمك 13] 9789953534718
تحميل وقراءة الكتاب على تطبيق أبجد
أبلغوني عند توفرهاقتباسات من كتاب اعتراف تولستوى
مشاركة من فريق أبجد
كل الاقتباساتمراجعات
كن أول من يراجع الكتاب
-
حسن حسن
"جاء في إحدى القصص الشرقية القديمة أن رجلا كان يطارده وحش شرس بري , فلجأ الرجل إلى بئر لا ماء فيها لينقذ نفسه من شر الوحش . ولكنه لسوء حظه لم يدخل البئر حتى رأى في قعرها تنينا فاغرا فمه ليبلعه . !!
فأخذ الرعب بمجامع قلب الرجل المسكين ولكنه لم يجرؤ على الخروج من البئر خوفا من الوحش , ولا على النزول إلى قعر البئر خوفا من التنين ولذلك عمد إلى غصن شجرة صغيرة كانت نابتة في شق من شقوق البئر ..
ولكن التعب أخذ من ذراعيه مأخذه فأدرك أنه هالك لا محالة , لأن الموت كان ينتظره في الأمرين جميعا .
ولكنه ظل متعلقا بالغصن .
وفيما هو ينظر إلى جذع الشجرة التي كان متعلقا بها .. إذ رأى جرذين الواحد أبيض والثاني أسود يدوران حول جذع الشجرة , وهما يقرضانه بهمة ونشاط .
رأى المسافر كل هذا وأدرك أن الشجرة ستسقط قريبا فيقع هو في فم التنين الذي كان يترقبه بفارغ الصبر . ولكنه نظر في الوقت نفسه بضع نقط من العسل على أوراق الشجرة فمد لسانه وشرع يلحسها متناسيا شقاءه كله" ...
هكذا أتعلق أنا بغصن شجرة الحياة، عارفا أن تنين الموت ينتظرني، وه على أتم الاستعداد ليمزقني إربا إربا، ولا أدري لماذا قدر لي أن أحتمل كل هذه المشقات، وأنا أيضا/ كذلك المسافر، كنت أسعى لامتصاص العسل الذي عرض لي في طريقي الماضية، ولكن هذا العسل لا يلذ لي اليوم في حين أن الجرذ الأبيض والأسود وهما الليل والنهار، يعملان بغير انقطاع في قرض الغصن الذي أتمسك به.."
-
أمل لذيذ
ما الذي يمكن أن يحدث إذا أخذ القلم حريته كاملة؟ ماذا سيقول القلم إذا غافل صاحبه و شرع في الكتابة؟ أي حروف سيبعثرها إذا تحرر من طقوس الرتابة؟ أي عبارات ستصدر من حبره و هو في حالة بعد عن بديهيات إعتادها العقل و شواغل غطت القلب؟ أي رتوش سيخط بها و هو فار من عيون العادات و التقاليد؟ كيف يكون الحال عندما يلكز القلم الأنامل الممسكة به و يأبى الإملاء منها ؟!
القلم الذي كتب به الأديب الروسي تولستوي كتاب (إعتراف تولستوي) كان من النوع الموصوف أعلاه ، فقلم تولستوي جاد علينا بإعترافات مدوية عن ذاته و حياته و آراءه و إسهاماته الفكرية و الأدبية و المجتمعية ، إعترافات دويها قد ينسف ما تصوره البعض عن تولستوي ، تولستوي إبن العائلة الإستقراطية و المكانة الإجتماعية البارزة للعيان و كاتب المؤلفات الأدبية التي لا يشق لها غبار، قلمه لم يلتفت إلى صيت تولستوي و هو يسرد الإعترافات ، و لم توقفه حياة تولستوي كإنسان و بإن لديه عائلة زوجة و ذرية ، بالعكس القلم كان مندفعا أكثر لإن تولستوي كان في أوج عطاءه و في علو إجتماعي و في مرحلة عمرية تتسم بالنضج ، أمانة القلم في طرحه مميزة خاصة في وصف وقفات إعادة التفكير ، و من ثم وقفات تشكيل قناعات جديدة للكاتب و وقفات تمحيص موروثاته الدينية ، و العودة للنهل منها بذهن متقد منفتح و ليس لمجرد التبعية .
فتولستوي ناقش بشكل تأملي جذاب حاجة الفرد للإشباع الروحي ، و إشباع الروح يتم بتزويدها بجرعات روحانية و بإقترابها من خالقها ، فهذه الجرعات تؤدي إلى تدفق الراحة ، الراحة التي كان ينشدها تولستوي كثيرا و حاول نيلها في كل تنقلاته ، فإذا بها تأتيه من رجعته لرحاب ربه ، فنفسه التي ضعضعتها ملذات الحياة الفانية لإنغماسها فيها كثيرا صارت أوضاعها مستتبة ، و السكينة باتت منها و فيها .
و أيضا قام تولستوي بالإعتراف بأنه كان يعيش خدعة مع عدد من المثقفين في عصره ، و هي خدعة ما زالت مستمرة إلى الآن كما أرى عند البعض من مثقفينا اليوم ، فهو يعترف بأنه كان و لفترة ليست بالقصيرة مثقفا بلا قضية مؤثرة من النوع الذي يستميت حاملها من أجلها ، فكان يضع المال نصب عينيه و هو يكتب ، و الشهرة كانت تحفه من كل جانب ، و بعد ذلك تيقظ حس المصداقية عنده لقلمه فصرح بما كان يجول في نفسه .
كتاب (إعتراف تولستوي) كتبه تولستوي بقلمه الصريح بحبر ضميره المستفيق !