إشتقت للحبيب رسول الله محمد-صلى الله عليه وسلم-وإشتقت كذلك لرؤية الإنسانية في هذا الكون،فعجبي من وقت يردد فيه البعض مبادئ الرسول-صلى الله عليه وسلم- شفوياً دون أن يطبقوها،وعجبي من قلة الرحمة في قلوب البعض حتى أنهم أصبحوا لا يتأثرون بالمظالم التي تحدث من حولهم،وعجبي من تزاحم البعض لنيل رضا الناس وإن كان ذلك على حساب تجريح أحبتهم،وعجبي ممن يتنصتون لرصد أخطاء الآخرين ،وعجبي ممن لديهم ليس شح مادي تجاه الفقراء بل أيضاً شح في التبسم لهم والتكلم معهم،وعجبي ممن لا يتهاونون عن دعم الباطل ويسخرون من المسلوبة حقوقهم،وعجبي ممن ينشرون غلظة تعاملهم وكأنها أسلوب الحياة الأمثل،وعجبي ممن يطمعون بما عند غيرهم وإن حصلوا عليه أهملوه،إنها أحوال تثير التعجب عندي!
والكتاب الذي إحتوى شوقي لشفيعي –صلى الله عليه وسلم-وشوقي للإنسانية هو كتاب (إنسانيات محمد صلى الله عليه وسلم ) للمؤلف خالد محمد خالد،فحتى الإهداء فيه كان عبارة عن رسالة تحية وتقدير للرسول –صلى الله عليه وسلم-،هي رسالة محب لحبيبه وأيضاً لمعلمه،فرسولنا-صلى الله عليه وسلم- هو معلم الإنسانية والبشرية،ومن ثم كان هناك شرح من قبل الكانب عن مكانة النبي –صلى الله عليه وسلم-كإنسان،فنحن كثيراً ما نركز على ناحية الرسالة أو ناحية الدعوة من سيرته ولكن هنا توضيح الأثر الإنساني له،فالله سبحانه وتعالى إختار لنا رسولاً من البشر لنستوعب الرسالة المحمدية أكثر ولتكون تفعيلها أسهل لنا ،وأحسست بأن محبة الكاتب لنبينا الكريم-صلى الله عليه وسلم –هي التي صارت تتكلم فشرع في سرد مقتطفات سريعة عن إنسانيته،ومنها صفاء قلبه وتواضعه ورحمته بالصغار وتسامحه الشديد ورأفته بالحيوان وقيامه بالأعمال كسائر الناس،والفصل الأول في الكتاب هو فصل "الرحمة مهجته"،ويتحدث فيه الكاتب عن دور اليتم في حياة الرسول-صلى الله عليه وسلم –وكيف أن هذا اليتم زاد من حنان فؤاده ومحبته للخلق،فكونه بلا أب وبلا أم له حكمة كبيرة ،فهو إعتاد الإعتماد على نفسه وباتت البساطة سمة من سمات حياته،وتم ذكر عدد من الأحاديث النبوية التي تدور في سياق الرخص ومراعاة قدرات العباد،فمنها رخص تتعلق بالعبادات وحتى الهجرة،وهنا ثم التحدث عن "الخوف من الله" و"الخوف من الناس"،فتم التذكير بحب الله لعباده ورحمته بهم وأبواب مغفرته المفتوحة دائماً،وتم تأسيس النظم القيمية التي يسير عليها الخلق ليحبوا وليودوا بعضهم البعض،والفصل الثاني هو فصل "..والعدل شريعته"،وفي تم التاكيد على رقي النبي-صلى الله عليه وسلم –في أقواله وأفعاله،فهناك من عاملوه بجلافة وهناك من كادوا له العداء وخططوا لظلمه ومع ذلك فهو كان جميل الألفاظ وأنيق المبسم وهو يتعامل معهم وكان يتجاوز عما بدر منهم من إساءة،فهو لم يتخذ من ظلمهم عذراً ليقوم بالشيء نفسه معهم ،وحذر من الجور كثيراً وأوصى بالبعد عنه،وقام بمعالجة مفاهيك كثيرة حول الإنصاف،والفصل الثالث "..والحب فطرته" وكان فيه التأكيد على أن المحبة هي المحرك الأول لما قام به النبي-صلى الله عليه وسلم-من أعمال تعبدية وفرائضية وأخلاقية ورسالية،فهو أحب الله وأحب عباد الله،وكان في قمة الإخلاص والصدق وهو يعبر عن هذه المحبة الكبيرة،فحتى من كنوا له العداوة تحاور معهم ،ومن خلال هذا الفصل شنشعر بأن الإسلام هو دين المحبة ،هو دين الآيات القرآنية فيه تطالب بالمحبة والأحاديث النبوية فيه تنادي بالمحبة،وفي الفصل الرابع "..والسمو حرفته"،نعرف بإنه منذ صغره –صلى الله عليه وسلم- كانت روحه لبقة وطاهرة وساعية للحق،وكان يثمن قيمة الإنسان وكرامته ورفعته،وفي الفصل الخامس "..ومشاكل الناس عبادته" فرسولنا الشريف –صلى الله عليه وسلم-كان يستمع إلى كل من يأتيه ممن إقتنعوا برسالته ومن لم يقتنعوا،فكان الخلق يأتونه بمشكلاتهم ويسألونه أن يساعدهم في إيجاد حلول لها وكان وبمنتهى الصبر والسماحة وإختيار أصوب اللفظ ومع الأخذ يعين الإعتبار الظروف الإنسانية المحيطة بهم يقدم لهم يد العون.
كتاب (إنسانيات محمد صلى الله عليه وسلم ) للكاتب خالد محمد خالد،يشوقنا لرؤية حبيبنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم-،ويذكرنا بمدى عظم حياته وآثاره الإنسانية التي تركها لنا،فنتمنى أن نسير على نهجه ،وأن نتعلم من علمه وأن نتأدب بأدبه ،وأن نؤثر العفو مهما كان غضبنا ،وأن لا نحتد في خلافاتنا مع من يحملون آراء مختلفة عنا، وأن نفتح قلوبنا لنسامح بعضنا ،وبهذا نحب بعضنا اكثر فيحبنا الله أكثر ،فحب الله هو ما ينير حتى أحلك القلوب .