في مثل هذا اليوم ( 25 أبريل عام 1974 ) قامت ثورة القرنفل البرتغالية ، و في نفس هذا اليوم من 1980 قدم ساراماجو عاصفته و رائعته الخالدة "ثورة الارض"تكريما لثورة القرنفل ؛
الرواية هي مأساة ملحمية اثلاثة أجيال من عائلة واحدة (عائلة المنحوس) تبدأ من هناية القرن التاسع عشر و حتى قيام ثورة القرنفل و احتفال الفلاحين و العمال بيوم العمال في الأول من مايو من نفس العام في مظاهرات و حشود شعبية علنية و هو ما كان غير مسموح به في السابق ؛؛
تتخذ الرواية من الاحداث ، اغتيال الملك كارلوس الاول (1908) و ابنه الامير لويس فيليبي (1910) و سقوط الملكية و حتى وقوع الانقلاب العسكري (1926)و قيام ديكتاتورية نوفوستادو اليمينية بقيادة (انطونيو سالازار )لتقع بعدها البرتغال أسيرة نظام فاشي ديكتاتوري حكم البرتغاليين بالحديد و النار و اذاقهم الويلات و لم ينقذهم منه الا قيام انقلاب عسكري بقيادة مجموعة من صغار الضباط في الجيش البرتغالي بعد الهزائم المتتالية في حرب المستعمرات (1961-1974) و الظروف المعيشية التي كان يُعاني منها صغار الضباط و الصف داخل الجيش ، عندما قام هؤلاء الضباط بالانقلاب لم يهدفوا من ورائه الى اقامة نظام ديمقراطي او تحسين اوضاع الشعب البرتغالي من عدالة اجتماعية و ظروف معيشية و انما كان غرضهم تحسين اوضاعهم هم فقط و الاستيلاء على الحكم الا ان الشعب البرتغالي استطاع أن يختطف هذا الانقلاب و يجعل منه ثورة ( ركبها بلغة الثورجية المصريين !!)مِلكاً له ، و في العام التالي حاول العسكر تصحيح الوضع بانقلاب عسكري جديد الا ان البرتغاليين تصدوا لهم في مشهد تاريخي و عظيم ؛
هذه الاحداث ليست واضحة كما قد يتخيل البعض في رواية ساراماجو بل هي خلفية باهتة لتناول مآسي العمال و الفلاحين و القطاع الاعظم من الشعب البرتغالي في ظل النظام القمعي و الديكتاتوري الفاسد ؛
هنا يظهر اسلوب ساراماجو السردي و الساخر بوضوح تام و هو اسلوب أدبي قد لا يروق الكثيرين ، ساراماجو يتدخل في الرواية كناقد و كقارئ او كشاهد من سنوات مستقبلية ، اسلوب في منتهى السخرية و كأنه يقول لنا أن كل شئ في هذا العالم خاضع للسخرية و الكوميديا السوداء بما في ذلك هذا العمل الذي أقدمه مأسويا و دماويا لقرائي ؛؛
تتضح معالم أفكار ساراماجو في هذه الرواية من حيث :
موقفه من الدين و رجال الدين بصفة عامة ( ملحد )؛_
ميله الشديد للشيوعية و الحركات الاشتراكية _
تضامنه الكامل مع العمال و الفلاحين و القطاع البائس من المقهورين و المظلومين_
أهدى ساراماجو "ثورة الارض"لبطلين برتغاليين و هما :
الاول "جيرماندو فيديجال" وقد قُتل نتيجة التعذيب في معتقلات سالازار و كان عمره أنذاك عشروب عاما و خلد ساراماجو ذكره في الرواية ليس بالاهداء فقط بل بكتابة فصل كامل عن ايامه الاخيرة تحت التعذيب و هو أكثر الفصول حِدة و ثورية و مأساوية ؛
الثاني الفلاح "جوزيه اديلينوس سانتوس "الذي قُتل في اضراب 23 يونيو 1971 على يد العسكر ؛
ـــــــــــــــ
عندما قامت ثورة القرنفل كانت البرتغال هي أسوأ دولة أوروبية على الاطلاق (اسوأ من المانيا المقسمة و ايطاليا المسحوقة في الحرب العالمية الثانية)بل انها كانت تصنف من دول العالم الثالث على مستويات الديموقراطية ،حقوق الانسان،التعليم و ...الخ ،اليوم تصنف البرتغال على انها الدولة رقم "19" عالميا من حيث "جودة الحياة"!؛
ـــــــــــــــ
يمكن القراءة عن ثورة القرنفل و المقارنة بينها و بين الشهيدة المصرية 25 يناير من هنا :
****