مرة أخرى يأخذني موراكامي إلى عالم غرائبي بحت جداً. عالم لم يكتب فيه أحد من قبل بهذه الحرفية، أو لنقل أنني لم أجد بعد من يكتب عن أشياء غرائبية لذيذة ولدي فضول حولها بهذه الحرفية.
كل روايات موراكامي تملك نفس الخواص: القصص الجنسية الغزيرة والمغرقة في التفاصيل، الأبطال الذين يعشقون الأفلام والقطع الموسيقية القديمة وأحياناً أغاني الجاز، والأبطال المصابين بلوثة الميتافيزيقيا.
في روايته هذه تمر "ميو" في تجربة " الخروج من الجسد" و رغم أن موراكامي لم يشر أن ميو قد مرت بهذه التجربة لأن الراوي ك. وحتى سوماير لم يدركا ما حدث معها حتّى ميو نفسها لم تكن على علم بما حدث أو كيف ولماذا حدث الأمر الذي جعلها تعيش في دوامة من حلم لا تدرك أكان وهماً أو حقيقة. هذه ليست المرّة الأولى التي يلعب فيها موراكامي هذه الورقة، ففي روايته كافكا على الشاطئ تحدث عن العوالم المتوازية من دون أي إشارة لها حتّى يكون القارئ قادراً على التقاط هذه الأفكار وحده وفهم مجريات الأحداث.
خلال قراءتي للرواية أردت مشاهدة الفيلم الياباني "الفلفل الأحمر" والذي سبق وأن شاهدته مرات عديدة والذي يعالج أيضاً فكرة "الخروج من الجسد" بأسلوب ممتع وأخاذ، ولكن توجب علي الانتظار حتّى الانتهاء من الرواية. الروايات أو الأفلام اليابانية ساحرة جداً، ولا تزال المفضلة لدي لأنها تغور في النفس البشرية بشكل مميز على عكس روايات عالمية أخرى. يظل موراكامي أحد كُتابي المفضلين، إن لم يكن الأفضل من بينهم، فهو نعم ياباني لكنه مُطعّم بلذعة غربية لذيذة جداً !
هذا ثالث عمل أقوم بقراءته لموراكامي، لن يكون الأخير بكل تأكيد، فهذا الأسلوب الساحر في الكتابة أجبرني على الإخلال بساعتي البيولوجية والنوم لسويعات بسيطة حتّى أتمكن من إتمام الرواية في أقل من يوم.