يا جبرا يا جبرا ، رطب الله تراب قبرك يا عزيزي جبرا ، لم تتركنا نغرق حتى في الحب ..
هناك الكثير مما يمكن أن يقال ، أعتقد أنها رواية تصلح لقراءة ثانية وخامسة حتى ، دون أن تصل معها إلى نهاية ، لكن نقاط سريعة :
من الواضح أن هذا العمل عمل فني عالي المستوى بامتياز ، فنحن أمام نص تقوم بطلته بتأليف نص ، عن حبها مع كاتب ما في داخل النص نفسه ، و بالتالي نجد في النص مستويات سردية متعددة ومختلفة ، المستوى السردي للبطلة كمؤلفة ضمنية لنص داخلي في النص الأساسي ، و المستوى السردي لها بصيغة الأنا ، المستوى السردي للبطل \ الكاتب الذي تقع البطلة في هواه ، مستويين شعريين أو ربما ثلاثة مستويات شعرية ، متقاربة ولكنها وردت على ألسنة ثلاث شخوص ، وبالتأكيد وكعادة جبرا لم يغفل المستوى السياسي والاجتماعي من النص .
في مثل هذا العمل ، المنحوت بدقة ، أجد نفسي أتسائل بعمق عن البطلة ، إذ يبدو أنها تتقاطع مع أكثر من شخصية من شخصيات جبرا ، فهي تستحضر نجوى من عالم بلا خرائط ، بعنفوانها و جنونها وانطلاقها ورغبتها في التحرر ، و هي أيضا تستحضر وليد مسعود في البحث عن وليد مسعود ، وهي أيضا تستحضر المؤلف .
من المؤكد أن الشخصية شخصية نابضة ومختلفة تماما عما نألفه من الشخصيات ، ولكنها أيضا تتمتع بجرعة عالية من الجرعات الجينية لمؤلفها ، جبرا الذي لم يتوقف يوما عن الحديث بفلسطين ، يستحضرها هنا أيضا ( إلى درجة أنني كنت أنتظر هذا الاستحضار وكأنه تحصيل حاصل ) و لكن ما يحدث هنا أننا نجد البطلة تترك حبها المجنونة و تسافر لتتحرر وتعمل من أجل قضية فلسطين . لا أعلم من الذي يفعل هنا الكاتب أم الشخصية ، لأن ما يبدو لي أن شخصا مثل سراب سيتمسك بحبه الجنوني حتى النهاية .. .. ولن تسافر كما أراد لها جبرا أن تفعل !
عموما ، نص ممتع و يشكل تحدي على جميع المستويات ..