لو لم يكن هذا هو الكتاب الرابع الذي أقرأه لبثينة العيسى لما صدقت أنها كانت في الثانية والعشرين عندما نشرته....
فهذه الرواية – وإن لم تكن أولى رواياتها – تنم عن موهبة فذة عبقرية في السرد الروائي... ولعل كتابات بثينة العيسى هي من أصدق ما قرأت من حيث التعبير عن ما تفكر به المرأة دون تنميق أو تكلف..
وفي هذه الرواية بالتحديد.. تتمكن الرائعة بثينة من إدخالنا في عقل تلك الفتاة المراهقة التي تدعى سعاد... سعاد.. تلك الفتاة التي كانت ضحية الإهمال... تحول اسمها إلى "سعار" على يد حبيبها الذي لم يحبها يوما...
تلك الفتاة التي تقاذفتها ظروف الحياة ورمت بها في بئر الوحدة.. مصيبة عندما يحس المرء بأنه أصبح وحيدا فجأة.. أن يهجره أو يفارقه أقرب الناس إليه... يحس بالخوف فيكشر عن أنيابه ويستعد لمجابهة القادم المجهول...
تفقد سعاد أمها ومن ثم جدتها.. ولا يسعفها وجود والدها الذي يسرع في الزواج بأخرى.... وتقع سعاد فريسة للإهمال والوحدة...
كتبت هذه الرواية في خضم عدة أحداث حرب الخليج...وبرأيي أن حرب الخليج فجرت العديد من طاقات الشباب المكنونة...وألهبت مشاعر الوطنية لديهم...كما عاصرت الرواية بدايات انتشار الانترنت.. والذي سهل كثيرا في تبادل رسائل الحب والغرام بين العشاق...
قسمت بثينة العيسى الرواية إلى قسمين؛ الهامش والمتن... في الهامش ما تبدو عليه حياة العشق وكل ما يرافقها من شوق وشك ..وبطلها شاب رماه حظه التعس تحت قدمي سعاد فأحبها.. وأما المتن فهو حقيقة مشاعر سعاد التي لا يعملها إلا الله.. تصف فيها معاناتها مع الوحدة والألم . ومشاعرها نحو من تحبه هي ونحو من يحبها...
أعود وأقول إن بثينة العيسى هي خير من يصف لك ما تفكر به الفتيات... وكل ما يمررن به من ألم وحنين وعشق وكره وغضب وتذبذب في المشاعر .. ورغبة في الانتقام.... وفوق ذلك فهي ترتقي بمستوى الأدب الأنثوي المعاصر الذي شابته لوثة العري الفاضح والخدش للحياء باسم الحداثة والتجديد في الأدب..
رواية قصيرة وممتعة أكملتها في جلسة واحدة..