البنية الروائية وتقنيات السرد في رواية عالم صوفي :
أولًا : عن الرواية :
يظهر للقارئ أن موضوع الرواية بشكل يتحدد من خلال العنوان: "عالم صوفي: رواية حول تاريخ الفلسفة"، فالموضوع العام والمادة الخام للرواية هو الفلسفة وتاريخ الفلسفة، والحديث عن الفلاسفة من سقراط المعلم الأول انتهاءً بالعصر الحالي، مع التعريج على العصور الفلسفية، وملامح تلك العصور، وآلية تطور ملكات الفيلسوف من خلال الطبيعة المحيطة، كما تحدثت الرواية عن تاريخ الحركات الفلسفية ( المادية ، الوجودية ، الديالكتيكية ، الداروينية ، ...) وأفكار كل حركة مع ذكر أهم فلاسفتها وروافد أفكارهم، كما ذكرت الرواية إيجابيات وسلبيات كل حركة من خلال عرض النموذج العام لتلك الحركة مع ذكر التطور الذي حدث في مدرسة أخرى، فيقوم القارئ باستنباط السلبيات من خلال النقد المقارن، وهو ما سعى إليه الكاتب .
تبدأ أحداث الرواية بطريقة سردية تقليدية وهي "عين الكاميرا" في وصف الأحداث التي تجري مع صوفي، وتلقيها أول رسالة من أستاذ الفلسفة، ولكي أقول الحقيقة إن معظم الذين يحاولون قراءة الرواية يشعرون بالملل عند قراءة أول 50 صفحة وهو طبيعي؛ لأن الأحداث روتينية، تسير بإيقاع بطيء، ولكن أحداث الرواية عندما تظهر الشخصية المجهولة "هيلد" كعنصر أساسي في الرواية، وآلية البحث عنها ، مع تلقي "صوفي" دروس الفلسفة من أستاذها المجهول عبر البريد، ولكن إيقاع الرواية يبدأ بالتصاعد حتى تتأزم الأحداث لكي يكتشف القارئ في نهاية الأمر خدعة الرواية، وما أراده الكاتب من خلال هذه الصفحات.
ثانيا : تقنيات السرد :
لقد تعددت تقنيات السرد في رواية عالم صوفي ، فقد استخدم الكاتب :
. تقنية عين الكاميرا : وهي تقنية تقوم بنقل الأحداث كما هي، وهذه التقنية تعتمد على الوصف الذي بدوره يحول القارئ إلى مشاهد أثناء تنقله بين سطور الرواية.
. تقنية الرواي العليم : وهي تقنية تظهر من خلال الحوار بين الشخصيات وهو ما نسميه الحوار الخارجي ( الديالوج ) ، أو حوار الشخصية مع ذاتها ( المونولوج) ، وقد تعددت مستويات هذه التقنية حيث إنها كانت على ثلاثة مستويات:
المستوى الأول : وهو صوت المؤلف في الحديث عن الحوار الذي يجري بين هيلد ووالدها المايجور .
المستوى الثاني : وهو صوت المايجور في الحديث عن الحوار الذي يجري بين صوفي وأستاذ الفلسفة .
المستوى الثالث : وهو صوت أستاذ الفلسفة وصوفي في عالم الأبدية.
وهنا كانت قمة المفاجأة للقارئ كيف أن الكاتب استدرجه للطواف في عوالم أسطورية بحيث أنه في نهاية الرواية أصبح القارئ تائه في أي مستوى أصبحت الرواية .
وفي نهاية الأمر لا يسعني إلا قول :تعتبر هذه الرواية كنز ومصدر مهم لثقافة القارئ فهي تمده بمستويات مختلفة من الثقافة ، قراءة ممتعة .
عمر عبده
عمان - الأردن