هي أول رواية للكاتبة الفلسطينية "سوزان أبو الهوى" و قد ولدت لأسرة فلسطينية من لاجئي حرب 1967 و اكملت حياتها في الولايات المتحدة. كتبت الرواية باللغة الإنجليزية و تم نشرها اول مرة في عام 2006 تحت عنوان "The Scar of David" (ترجمة: ندبة داود( ثم تم ترجمتها للغة الفرنسية تحت عنوان " Les Matins de Jenin"(ترجمة: صباحات جنين) و من ثم تم إعادة نشرها باللغة الإنجليزية تحت عنوان "Mornings In Jenin" و الى الأن تم ترجمة الرواية الى 33 لغة من بينها اللغة العربية التي قامت "سامية شنان تميمي" بترجمتها و اختارت لها عنوان "بينما ينام العالم" ... الترجمة اكثر من رائعة و قد قدمت لنا سامية من خلال هذه الترجمة عمل روائي أدبي عربي جدير بالإحترام.
الرواية تتحدث عن حياة عائلة فلسطينية مكونة من أربعة أجيال .. بدأت أحداث الرواية عام 1941 و انتهت عام 2003 مرورا بالنكبة عام 1984 و النكسة عام 1967 و التهجير و مجازر الصهاينة و من بينها أكبر مجزرة و هي مجزرة صبرا و شاتيلا بقيادة الوحش "أرئيل شارون". هذه العائلة الفلسطينية بدأت بالجد "يحيى محمد أبو الهيجا" الذي تزوج من باسمة ... مرورا بأولاده "حسن أبو هيجا" و "درويش أبو هيجا" ... و الأحفاد يوسف و اسماعيل (دايفيد) و آمال ... و انتهاءا بأبناء الأحفاد فلسطين و شارة و يعقوب و يوري و طفل قتل قبل أن يولد من قبل الصهاينة في مجزرة صبرا و شاتيلا.
عبقرية "سوزان أبو الهوى" تتمثل بالدخول بعمق الشخصيات و أحاسيسهم .. كان لدي شعور بالإنتماء و التعلق العاطفي بكل واحدة من هذه الشخصيات و كأنهم عائلتي ... و الإختلاف بشخصياتهم على تشابهها كان مقنع جدا و قد اضاف الكثير الى مصداقية الرواية.
أحد الشخصيات "اسماعيل" أو "دايفد" .. هو فلسطيني بيولوجيا و اسرائيلي المنشأ.. فكرة هذه الشخصية تعود الى رواية غسان كنفاني المشهورة "عائد الى حيفا" .. و قج قالت "سوزان أبو الهوى" أن هذه الرواية كانت هي مصدر الإلهام لكتابة روايتها. لمن لم يقرأ تلك الرواية لغسان كنفاني.. أنصح بقرائتها قبل البدأ بهذا الكتاب .. حيث أنها تضع القارىء في دائرة المشاعر التي يحتاج لفهم رواية "بينما ينام العالم" ..
مشاعري خلال الرواية ...
من الروايات القلائل التي جعلتني أبكي بحرقة .. و خلقت لدي مجموعة من مشاعر متناقضة من الحب و الحقد و الغضب و الفخر و الشعور بالعار. حيث أنها جعلتنا نعيش –مرة أخرى- مأساة الحروب و التهجير و مأساة القضية الفلسطينية و فقدان الوطن .. هي بالفعل رواية تم كتابتها ليحتفظ التاريخ بما عاناه الشعب الفلسطيني و هي وصمة عار للشعوب العربية. أعجتبني جدا جرأة "سوزان أبو الهوى" بسرد وقائع تاريخية حقيقية و لم "تجامل" أي طرف من الأطراف العربية و الصهيوية. و لم أستغرب منع بيعها في الأردن .. حيث أنها قدمت حقائق من خيانات عربية و خصوصا في لبنان و الأردن حيث تم "مسح" منظمة التحرير الفلسطينية بفضل جيوشنا العربية و لذلك كتب محمود درويش بعد صيرا و شاتيلا و القضاء عل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان بعد أن تم القضاء عليها في الأردن:
تَضِيقُ بِنَا الأرْضُ
تَحْشُرُنَا في المَمَرِّ الأخير
فَنَخْلعُ أَعْضَاءَنَا كَيْ نَمُرَّ وتَعْصُرُنَا الأرْضُ
إلَى أَيْنَ نَذْهَبُ بَعْدَ الحُدُودِ الأخيرَة ؟
أَيْنَ تَطِيرُ العَصَافيرُ بَعْدَ السَّمَاءِالأَخ
أَيْنَ تَنَامُ النَّباتَاتُ بَعْدَ الهَوَاءِ الأخِيرِ؟
- محمود درويش، من قصيدة "تضيق بنا الأرض"
(كتبها بعد خروج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان..)
التركيز بالرواية كانت الى حد كبير على شخصية "آمال" حفيدة يحيى و باسمة و ابنة حسن و داليا... بينما تسرد لنا الأحداث و الألم و التشرد و التهجير و اليتم .. كانت دائما تكرر عبارة:
يمكننى شرح ذلك , و لكن قد ينكسر الزجاج
الذى يغطى قلبك
ولا شئ يصلح ذلك ...
احببت هذه العبارة جدا... بالتعبير عن عدم الرغبة بالتعبير ! فكما كانت تقول داليا الى ابنتها آمال دائما:
"أيا كان شعورك، اكبتيه في داخلك!"
أنصح بقرائتها .. و بشدة.