إن مهنة الناقد الغربلة، لكنها ليست غربلة الناس، بل غربلة ما يدوّنه قسم من الناس من أفكار وشعور وميول، وما يدونّه الناس من الأفكار والشعور والميول هو ما تعودنا أن ندعوه أدباً، فمهنة الناقد، إذن هي غربلة الآثار الأدبية لا غربلة أصحابها صفاء في الذهن واستقام
الغربال > اقتباسات من كتاب الغربال
اقتباسات من كتاب الغربال
اقتباسات ومقتطفات من كتاب الغربال أضافها القرّاء على أبجد. استمتع بقراءتها أو أضف اقتباسك المفضّل من الكتاب.
الغربال
اقتباسات
-
مشاركة من فريق أبجد
-
قد يسأل البعض: وأيّ فضل للناقد إذا كانت مهمته لا تتعدى الغربلة؟ فهو لا ينظم قصيدة بل يقول لك عن القصيدة الحسنة إنها حسنة. وعن القبيحة إنها قبيحة. ولا يؤلف رواية. بل ينظر في رواية ألفها سواه ويقول: - أعجبني منها كذا ولم يعجبني كذا!فأجيبهم: وأيّ فضل للصائغ الذي تعرض عليه قطعتين من المعدن متشابهتين. فيقول في الواحدة إنها ذهب، وفي الأخرى إنها نحاس؟ أو تعطيه قبضة من الحجارة البلورية البراقة فينتقي بعضها قائلًا: هذا الماس. ويقول في ما بقي: هذا زجاج؟ إن الصائغ لم يخلق الذهب ولا أوجد الألماس. لم يخلقهما كما خلق الله العالم من لا شيء، لكنه "خلقهما" لكل من يجهل قيمتهما. ولولاه لظل الذهب نحاسًا والألماس زجاجًا أو العكس بالعكس. وكم هم الذين يميزون بين الألماس وتقليد الألماس؟
مشاركة من المغربية -
من الناس كذلك من يقول -ويقول بإخلاص- إنه لا صلاحية لناقد أن ينقد شاعرًا أو كاتبًا أو ابن أي فن كان من الفنون إلا إذا كان هو نفسه شاعرًا أو كاتبًا أو من أبناء ذاك الفن. فجوابي لهؤلاء هو جواب أحدهم وقد سمع هذا الاعتراض عينه فقال: "أعليّ أن أبيض البيضة، إذن، لأعرف ما إذا كانت صالحة أو فاسدة؟"
مشاركة من المغربية -
صفاء في الذهن، واستقامة في النقد، وغيرة على الإصلاح، وفهم لوظيفة الأدب، وقبس من الفلسفة، ولذعة من التهكّم - هذه خلال واضحة تطالعك من هذا "الغربال" الذي يطلّ القارئ من خلاله على كثير من الطرائف البارعة والحقائق القيّمة.
أسلمنيه ناشره الأديب عشيّة سفري إلى أسوان، فاغتبطت بالهدية وشكرتها للمؤلف والناشر، لأنها متعة من القراءة الطريفة أتزوّد بها في هذه الرحلة، ولأنها من الوجهة الأخرى دليل من دلائل القرابة الفكرية ووثيقة نسب جديد من أنساب الأدب. وأيّ شيء أدل على قرابة الفكر وأبين عن عروقها الممتدة وأرحامها المؤلفة من كتاب تخطر معانيه وتصاغ عباراته في "نيويورك" تحت سماء القارة الأمريكية ثم تُكتب مقدمته في "أسوان" تحت سماء القارة الأفريقية؟؟ فهذا ما ليس يصنعه إلّا الفكر، ذلك الجوهر الخالد الذي لا مكان له ولا زمان، والذي لا قرابة أقرب منه بين إنسان وإنسان. فهو الغاية بعد كل غاية والجامعة أسمى من كل جامعة. ولو أن نفسًا في المريخ خطر في ضميرها مثل الذي يخطر في ضميري لكانت ألصق بي وأوفى رحمًا ممّن يليني ويجاورني على فرقة في الرأي والإحساس. ولو أن قائلًا جمعني به الفكر والهوى لما كان غريبًا عني وإن فرّقتنا لغة وباعد بيننا زمان وموطن. فكيف به يكتب باللغة التي أكتب بها وينتمي إلى جانب الأرض الذي أنتمي إليه؟؟
- من مقدمة العقاد
مشاركة من المغربية -
أثنى بعضهم أمام ديوجينس اليوناني على فيلسوف فقال له ديوجينس:
"كيف يكون فيلسوفًا من عالج الفلسفة طول هذا الزمن ولم يصب أحدًا؟؟" ولقد أصاب ديوجينس وقال قولًا يصدق على الناقدين كما يصدق على الفلاسفة. بل هو إن صدق على الفلاسفة مرة صدق على الناقدين مرارًا. لأن الفلسفة قد ترمي بغير تسديد، أمّا النقد فإنه يسدد السهم إلى هدف قبل أن يرميه. ولا بدّ للناقد من أن يصيب عامدًا إلى الإصابة أو غير عامد ومنصفًا في نقده أو غير منصف: يصيب الناس إن لم يصب المنقود، وقد يصيب الناس والمنقود معًا. فهو لذلك أدنى الكاتبين إلى اللوم وأبعدهم عن العذر وأحوجهم إلى الجرأة والصبر على مخالفة الناس. فإن وطّن نفسه على ذلك وإلّا فخير له وللناس أن يحطم قلمه ويريق مداده ويغربل الماء بدلًا من غربلة الأخلاق والآراء.
- من مقدمة العقاد
مشاركة من المغربية
السابق | 1 | التالي |