الخيال الشعري عند العرب - أبو القاسم الشابي
تحميل الكتاب مجّانًا
شارك Facebook Twitter Link

الخيال الشعري عند العرب

تأليف (تأليف)

نبذة عن الكتاب

هذا الكتاب يتضمن الكثير من الآراء الجريئة، في حديثه عن الخيال، فهو إذ يتحدث عن الصورة الشعرية يأتي بالأمثلة الدالة على ما يذهب إليه من الشعر العربي في العصور المختلفة، ويقارن تلك النماذج بمقتطفات من آداب الغرب، ليبرهن على أن العرب تمسكوا بالصورة المادية المحسوسة وجعلوها محور القول والتفكير، وأن الغربيين أوغلوا في ما وراء الماديات مما زاد في الخرافات والأساطير في الشعر والنثر عندهم . وعلى هذه الطبعة تعليقات تخدم الموضوع
عن الطبعة

تحميل وقراءة الكتاب على تطبيق أبجد

تحميل الكتاب مجّانًا
4.5 6 تقييم
133 مشاركة
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم

  • مراجعات كتاب الخيال الشعري عند العرب

    6

مراجعات

كن أول من يراجع الكتاب

  • لا يوجد صوره
    5

    لا شكّ أننا خسرنا الكثير برحيل موهبة أدبيّة ونقديّة في بداية مشوارها مثل الشاب أبو القاسم الشابي، ذلك الشاعر ذو المشاعر المُرهفة الذي رحل عن الحياة في سنّ مُبكّرة بسبب مرضه. فعبد أن يقرأ القارئ فصلًا من الكتاب لا بُدّ أنه سيتساءل بدهشة: "كيف يُمكن لشاب في سن الواحد والعشرين أن يكتب رؤية نقدية ناضجة بهذه البراعة والسلاسة والإدراك؟!"

    كتاب "الخيال الشعري عند العرب" هو بالأساس مُسامرة ألقاها أبو القاسم الشابي في قاعة الخلدونية بتونس عام 1930. يتناول الكاتب فكرة الخيال وكيف عبّر عنها العرب في أشعارهم (وتحديدًا الأدب الجاهلي)، ثم كيف تطوّر مفهوم الخيال الشعري في أشعر وآداب العصور العربية والإسلامية اللاحقة مثل عصر صدر الإسلام ثم العصر الأمويّ فالعباسيّ وأخيرًا الأندلسي. ويُصّرح الكاتب في مُقدّمته بأنه ينوي العودة إلى هذا الكتاب لاحقًا في مُقتبل الزمن لإعادة النظر فيما كتبه بعد أن تمرّ عليه السنون التي ستحمل إليه نُضجًا قد يُغيّر معه رأيه أو يؤيّده، إلا أننا نعرف أن أجله الذي حان منعه من تلك الرغبة.

    لقراءة المُراجعة كاملة بشكل مُنسّق وبالصور - ****

    يأخذنا أبو القاسم الشابي في رحلته التي يُعرّف فيها الخيال بشكل عام بأنواعه الكثير، ثم يُحدّد الخيال الشِعري ليُقصر بحثه فيه، فيتحدث أولًا عن الخيال الغنيّ في الأساطير الغربيّة خاصة الإغريقية القديمة، ثم يعرج بنا إلى رؤية العرب (في العصر الجاهلي) للطبيعة المُحيطة بهم وأثرها في مفهوم الخيال لديهم والبادي في شِعرهم، والتي يرى أن قُفر الصحراء ووحشة الأراضي القاحلة وانتشار الرمال وانحسار الاخضرار؛ جعل الأمة العربية (في الجاهلية) تعيش في أرض محرومة من الجمال الذي يستفز المشاعر ويؤجج الخيال.

    والكاتب هُنا لا يشير إلى انعدام الخيال لدى العرب وإنما إلى فقره بسبب قلة الموارد المُحيطة بهم، بالإضافة إلى عدم اختلاطهم بغيرهم من شعوب الأرض اختلاطًا كبيرًا حينها. ولأن الشعر مرآة الشاعر الذي هو ابن بيئته، فقد كان الشعر الجاهلي يعتمد في جُلّه على الألفاظ والتركيبات والنزعات القبلية أكثر من التمعّن في أمور النفس والروح. وهو الأمر الذي بدأ في التغيّر بداية من العصر العباسي مرورًا بالعصر الأندلسي بعد أن انتشرت ترجمات آداب الأمم الأخرى. كما يرى أن الروح العربي خطابية مُشتعلة لا تعرف الأناة في الفكر فضلًا عن الاستغراق فيه، وماديّة محضة بعيدة عن الأمور النفسية والأحاسيس التي تدعو إلى الاسترسال مع الخيال، وهاتين النزعتين -الخطابة والماديّة- كان لهما الأثر الكبير في إضعاف مَلَكَة الخيال الشِعري في النفسية العربية. ويُمكن للباحث إن استقرأ الأدب الجاهلي أن يرى أن كثيرًا من قصائده لو فُكّت من قيود الشعر لكانت خُطبًا رائعة. (مثل مُعلّقة عمرو بن كلثوم على سبيل المثال)

    ينتقل بنا الكاتب بعد ذلك إلى كيفية تناول المرأة في الأدب العربي، ويرى أن النظرة التي نظر بها الأدب العربي إلى المرأة قد ظلّت بسيطة، لا سموّ فيها ولا خيال وإنما هي نظرة ماديّة محضة لا يكاد يرى فيها فرقًا بين المرأة والرداء وكأس من الخمر. أما الذي عمل على بقائها دون أي تطوّر أو تحوّر هو التالي:

    أولًا بسبب الفكرة الجائرة بأن المرأة مثل الغدر واللؤم وخساسة الطبع وخُبث الضمير وكأنها منبع الإثم ومُستقر الرذيلة، وهذه النظرة للمرأة لا يُمكن أن يُبصر بها الرجل ما وراء جسد المرأة من حياة عذبة ساحرة وعالم شعري جميل مُفعم بالمشاعر.

    ثانيًا بسبب أن المرأة لم تنل في جميع الأعصر العربية قِسطًا من الحرية الحقّة، تتمكّن من إظهار ما لها من مواهب وملكات تُجبر الرجل على أن يحترمها ويُبدّل رأيه فيها. وليس المقصود الحرية التي تعبث بالفضيلة وتسخر بكل شيء فهذا يُسمّى انحطاطًا أخلاقيًا (مثلما جاء به أبو نوّاس)، وإنما القصد هو الحرية التي تُبقي معها كرامة المرأة بكل ما فيها من عِفّة سامية وطُهر جميل.

    الشاعر العربي لا يتكلّم عمّا وراء جسد المرأة من المعاني السامية مثل الأمومة وجمال الروح ونقاء القلب، ولكنه مُجيد كل الإجادة إن أراد أن يتحدّث عن قدّها الأهيف الممشوق وعن طرفها اللامع الوسنان وعند وجهها المتورّد المنضور.

    ثُم يذهب بنا الكاتب إلى بُعد آخر وهو أدب القصّة في الأدب العربي، فيقرّ بأن على كُل ما أبقاه العرب لنا من تُراث أدبيّ جليل إلا أننا لا نعثر فيه على شيء من القصص الحق الذي يُسمّى قصصًا. وهو يقصد القصة كأدب نثري مُستقل يُقصَد منه سبر جراح النفس البشرية الدامية وفهم الحياة الإنسانية بما اشتملت عليه من خير وشر ومن حسن وقبيح ومن لذة وألم. ويرى أن الشاعر الوحيد الذي اقترب فيه شعره من الأدب القصصي هو "ابن أبي ربيعة"، ويطلق عليه لقب أبو الشعر القصصي

    ويُبرر الكاتب أن فنّ القصص كفنّ مُستقل، لم يعرفه النثر الجاهلي أصلًا لندرة النثر في الجاهلية، ولأنه كان مُقتصرًا على الخُطب والمُحادثات، ولم يُدوّن منه إلا الشيء اليسير. ولم يعرفه النثر العربي بعد ذلك إلا في أواخر العصر الأموي عندما تُرجمت قصص "ألف ليلة وليلة"، قبل أن يُترجم ابن المُقفّع بعدها عن الفارسية بعض الكُتب القصصية التي من أشهرها كتاب "كليلة ودِمنة" فكانت هاته الكُتب فتحًا جديدًا في النثر العربي بعثت فيه روحًا قصصية لم تكن فيه من قبل، فنشطت الأقلام من بعدها وظهر فنّ المقامات، قبل أن يتوّج المعرّي النثر القصصي العربي برائعته "رسالة الغُفران" والتي يراها الكاتب خير ما أُلِّف في النثر القصصي العربي خيالًا ومغزى.

    يخلص أبو القاسم الشابي إلى أن الأدب العربي أجاد أيّما إجادة فيما تخصّص فيه من وصف المظاهر البادية، بل رُبّما فاق الآداب الأخرى في هذا الصدد. ولا يرى الشابي الأدب العربي أدبًا ميّتًا، بل كان يراه حيًّا صحيحًا فيّاضًا بكل ما تصبو إليه آمال شعوبه من صور الحياة مثلها المُختلفة، وذلك حسب الفترة الزمنية الخاصة به

    حيث كان الأدب الجاهلي بدويًّا محضًا تسمع فيه رنّة الصوت البدوي الأجش الذي لا يعرف رقة الختل ولا نعومة المدنيّة الكاذبة، وتلمح في أعطافه روح البداوة بكل ما فيها من عِزّة وادِّعَاء، وشدّة الطبع البدوي العتيد الذي لا يعرف خفضًا ولا هوادة.

    بينما كان الأدب الأموي ينقسم إلى قسمين، الأول يصوّر الحياة العابثة المخلدة إلى البطالة واللهو، وقسم يُمثّل الحياة العابسة التي تتلقفها الأهواء السياسية والدعوات الحزبية المتباينة.

    أما الأدب العباسي فكان لاهيًا ماجنًا خليعًا في عنفوان المجد العباسي وشرخ الحضارة الإسلامية، ثم حائرًا مُتشكّكًا مُضطربًا في أواخر القرن الثالث وما بعده، ذلك لأن الحياة الإسلامية حينها كانت حياة رُعب وشكّ.

    وأخيرًا كان الأدب الأندلسي مُستهترًا مُسرفًا في اللذة والمجون لأن الأمة الأندلسية كان صبيّة لاعبة تمرح بين الرياض والجداول.

    في النهاية يُصرّح بأن قوله ذلك عن الأدب العربي، لا يزعم بذلك أنه لا يلائم أذواق تلك العصور ولا أرواحها، لكنه يقول إنه لم يعد مُلائمًا لروحنا الحاضرة ولمزاجنا الحالي. لأنه لم يُخلق لنا أبناء هذه القرون وإنما خُلق لأُناس ماتوا منذ آلاف السنين، بينما نحن أبناء هذه الحياة لا ينبغي لنا أن ننظر إلى الأدب العربي كمثل أعلى للأدب الذي ينبغي له أن يكون. ليس لنا إلا احتذاؤه ومُحاكاته في أسلوبه وروحه ومعناه. بل يجب أن نعدّه كأدب من الآداب القديمة التي نُعجب بها ونحترمها ليس غير. أما أن يسمو هذا الإعجاب إلى التقديس والعبادة والتقليد فهذا أمر لا ينبغي له أن يكون، لأن لكل عصر حياته التي يحياها ولكل حياة أدبها الذي تنفخ فيه من روحها القشيب.

    اقتباسات

    لا يغض من الأدب العربي شيئًا أنه مادي لا شيء فيه من عُمق الخيال وقوّة التصوّر، لأن هذه منشؤه التي أملت هذا الأدب وألقت عليه اللون الخاص به، وإنما يغضّ مِنّا -معشر التونيسيين- هو أن نتخذ هذا الأدب الذي لم يُخلق لنا ولم نخلق له غذاءً لأرواحنا ورحيقًا لقلوبنا لا نرتشف غيره

    الشاعر العربي إذا ما أراد أن يبسط فكرة من أفكاره ألقاها في بيت فرد أو جملة واحدة إن استطاع، ثم أنهل بوابل من الأفكار المتتابعة بحيث تكون القصيدة كحدائق الحيوان فيها من كل لون وصنف، أو كالأرض المُقدّسة التي يُحشر فيها الناس من كل أوب وصوب ومن كل فئة وقبيل

    لقد كان العرب مُعتزين بأدبهم يحسبونه أنه كُل شيء في العالم، فلم يجدوا حاجة تدفعهم إلى ترجمة الآداب الأخرى، وظل المثل الأعلى الذي تحتذيه العصور الإسلامية في روحه وأسلوبه هو الشعر الجاهلي

    لقد أصبحنا نتطلّب حياة قوية مُشرقة ملؤها العزم والشباب، ومن يتطلب الحياة فليعّد غده الذي في قلب الحياة... أما من يعبد أمسه وينسى غده فهو من أبناء الموت وأنضاء القبور الساخرة

    تقييمي النهائي

    كتاب "الخيال الشعري عند العرب" من الكُتب المُميّزة التي تدفع القارئ إلى التأمّل والتفكّر وإعادة ترتيب أفكاره من خلال وجهات نظر مُختلفة وزوايا جديدة، كما أن محتوى الكتاب تثير القارئ وتحضّه على البحث عن مناظرات مُعارضة أو مؤيدة لذلك المُحتوى من أجل إثراء معرفتنا بشكل صحيّ ومُتجدّد.

    -----

    أكثر ما أعجبني في الكتاب هو الأسلوب التحليلي الذي انتهجه الشابي، فتلمس وعيه الثقافي ونُضجه الأدبي الذي مكّنه من ألا يكون مُجرّد مُتلقي للأدب وإنما مُفكّر لديه وجهة نظر خاصة به. كما أعجبني أن بحثه يُذكّرني بأسلوب ابن خلدون التحليلي الاجتماعي، فتشعر أثناء القراءة بأنك أمام بحث (أنثروبولوجي) يدمج ما بين علم الإنسان الثقافي وعلم الإنسان الاجتماعي، فهو يبحث تأثير الحياة الاجتماعية والبيئة المُحيطة في اللغة وفي التطوّر الأدبي العربي بشكل عام.

    لا شك أن أبو القاسم الشابي مُتأثّر ببحث طه حسين "في الشعر الجاهلي"، لكن تأثّره ذلك كان في أمور بسيطة، لأنني لاحظت أن الكاتب غير مُتفق على كثير من أفكار طه حسين عن الشعر الجاهلي، لكنه لم يتعصّب ضدّه وإنما ذكره بأسلوب مُحايد لأنه لا ينكر عليه حقه في عرض أفكاره. وهذا أمر أحترمه في أبو القاسم الشابي، لأنه -وكما قرأت في مُذكراته- هو شخص مُنفتح الفِكر، شًجاع في عرض أفكاره، ومُتقبّل للنقد حريص عليه.

    كتاب قصير لكنه بكل تأكيد رائع وغني ويحمل فكرًا جديرًا بالاحترام والتمعّن فيما بين سطوره.

    تقييمي 5 نجوم

    أحمد فؤاد

    الرابع عشر من كانون الأول/ديسمبر 2021

    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    4
    Facebook Twitter Link .
    0 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5
    Facebook Twitter Link .
    0 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    3
    Facebook Twitter Link .
    0 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5
    Facebook Twitter Link .
    0 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5
    Facebook Twitter Link .
    0 يوافقون
    اضف تعليق
المؤلف
كل المؤلفون