(( بعد ما كنتَ وكنّا؟
أكتب إليك وأنا في حال هي من شدة الوضوح قد صارت في شدة الغموض .. وأية حال تظنها؟
سيذهب بك الظن إلى الموت فهو أخفى ماظهر من أسرار الإنسانية، ولكن هناد موتًا لا ينقل من الدنيا إلى الآخرة، بل من نصف الدنيا إلى نصفها الآخر ... وهو في أسرار الإنسانية عكس ذلك؛ لأنه أظهر ماخفي، وهو الحب. ))
الرافعي شاعرًا وإنسانًا ومحبًا .. يكتب لتدمى قلوبنا كلنا من أجله ..
سمعت كتير عن جنونه وفترة عشقه لمي زيادة وصداقته للعقاد لدرجة إنني اتصورت المخاطب في الرسايل كان فعلا عباس العقاد ومفيش أي دليل ظهر قدامي أو من بحثي ينفي أو يأكد على المعلومة، الرسايل هنا ممكن نعتبرها فضفضة فلسفية عميقة بأسلوب أدبي فوق الرائع مع القراء عن الحب والحياة والمرأة والظلم والألم .. الألم اللي قدر يوصله من خلال عدد صفحات لا يذكر ..
قريت في مرة بمقالة كتبها أنيس منصور عن مي زيادة وعن مجموعة من جبابرة زمانها كعقول وألسنة أدبية تم تخليد اسمائهم جميعا في التاريخ
(( أما المفكر الإسلامي الشاعر مصطفى صادق الرافعي فقد ذهب بعيدا. هو الذي ذهب. هي لم تذهب به. ولا أشارت ولا لمحت ولا وعدت ولا حتى تحدثت إليه.. ربما مرة أو مرتين.
ولكن من هذا الحب الوهمي كتب كلاما جميلا. في كتبه: «السحاب الأحمر».. و«أوراق الورد».. و«رسائل الأحزان». وسألوها، فنفت أن تكون هناك علاقة من أي نوع. حتى الصداقة لا توجد. فالرجل ينظر ولا يسمع ما تقول في معظم الأحيان. فسمعه ثقيل. وكانت تقول: ليس سمعه فقط وإنما دمه أيضا. ))
وبآخر جملة خلصت الحدوته البايخه المكررة دائما وأبدا عن كون الحياة غير منصفة بالمرة للجميع ..
** بعض الاقتباسات :
" لعلك عاذري .. انتبهت إلى أني أخاطبك كأنك المبتلى .. هذه طبيعة النفس الحزينة تريد أن تكون مصائبها في سواها ولو على ورقة ... لم يبق مني إلا جزء قليل من شخصيتي القديمة أما أكثرها فضاع ضياعه أو أصبحت لا أملكه. "
" تبغض العيش وتبغض الحياة وتبغض الناس ؛ تبغض ثلاث مرات ؛ لأنك أحببت مرة واحدة، وهذا كله إذا كانت من تحبها لا تدري بهواك أو كانت تدري ولكنها لا تستطيع أو كانت تستطيع ولكن .... آه يا عزيزي لابد في لغة الحب من ( لكن ) إذا كانت المرأة تعرف لغة الحب. "
" بهذا يكون الجمال على مقدار ما يُحسن الإنسان أن يفهم منه، ثم على مقدار مايُؤثر من هذا الفهم، ثم على مقدار ما يثبت من هذا التأثير، وتلك هي درجاته الثلاث : فجمال تستحسنه، وآخر تعشقه، وجمال تُجن به جنونًا. "
" وفي هذا القلب أعرف موضع كل شئ إلا نفسي، فما أدري أهو من الضعة بحيث صارت فوق أن تنزل فيه، أم هو من السمو بحيث صار نفسًا وحدها؟ ولكنه على الحالين أشقاني بهذه النفس وطوح بي وبها في مهاوي الأحزان إلى قرار بعيد. "
" السرور والحب كلاهما يأتي اتفاقا؛ ولعلك لا تجد في كل ما عرّفوا به السعادة أصح ولا أوفى من أن تقول : إن السعادة هي نفس هذا الاتفاق حين يتفق السرور أو الحب. "
" وكنت أظن أن المستحيل قسمان : مايستحيل وقوعه فلا تُفضي إليه وما يمكن وقوعه فتُهمله فلا يفضي إليك، ولكن حين توجد المعجزة تبطل الحيلة، ومتى استطردك القدر الذي لا مفر منه أقبل بك على ما كنت منه تفر. "
" القبلة الأولى هي تلك النظرات الطويلة الحائرة في أعين المحبين وقد ضاقت بالصمت والإبهام وكثرة ماتتردد بين معنى يسأل ومعنى يجيب؛ فانحدرت إلى
الشفاه لتخلق حركة وتتمثل صوتًا وتستعلن للحب بكل معانيها، فالعواطف المشبوبة والنظرات المتكلمة والابتسامات المترجمة تأخذ كلها في تأليف تاريخ الحب زمنًا يقصر أو يطول، ومتى بدأت في تدوين هذا التاريخ كانت الكلمة الأولى هي القبلة الأولى. "
" إنما تحية الفكر ردّ كلمة بكلمة؛ وتحية النفس هزّ يد بيد؛ وتحية القلب لمس شفة بشفة. "
" لست أفهم من معنى الحب إلا أن الروح اهتدت إلى شئ من سرِّ الإنسانية في إنسان جميل قد استطاع بجماله أن يهديها إلى هذا السر. "