روميو وجوليت .. أشهر وأعرق مآسي الحب عبر التاريخ .. لله درك يا شكسبير لماذا فعلت بنا هكذا ؟؟ لا تكاد تسدل الستائر على احدى قصصك حتى تكون قضيت على جميع أبطالها !!
تدور احداث القصة في مدينة فيرونا .. احدى المدن الايطالية .. بين عائلتين بينهما ما صنع الحداد .. وينشب الحب ويتوهج بين روميو ابن مونتاجيو وابنة خصيمه في الحياة جوليت ابنة كابوليت .. ويشتعل الصراع بين العائلتين متزامانا مع اشتعال الحب بين العاشقين .. ويتوالى سقوط الضحايا في كل اتجاه حتى تنتهي القصة بانتهاء حياة ابطالها .. ثم يحاول شكسبير بعد ذلك التخفيف من المأساة بأن يجعل نتيجة ذلك سلام دائم يعم المدينة بعد ذلك
هذا وتظهر ملامح كتابات شكسبير جلية في هذه المسرحية .. فشكسبير لا يهتم بالاحداث بقدر ما يهتم بتأثيرها على ابطال قصته .. فيبدأ في شرح احساس البطل على لسانه باستفاضة واطناب شديدين -يزيد عن حده في بعض الاحيان - ويكرر المعنى باكثر من صورة وشكل ويشبه ويكني ويستعير ويرسل الحكم والامثال ويذهب بالنص لأبعاد أخرى .. ويجعلك تعيش معه داخل القصة وتشعر بشعور أبطالها .. لهذا فان اعمال شكسبير ليست بالتي تقلب فيها الصفحات بسرعة متشوقا لمعرفة النهاية بل ان الفائدة الكبرى منها تتحقق بقراءة كل سطر منها بتأني وبهدوء ثم اعادة قراءته مرة أخرى وأن تتذوق الجمال في كل سطر وفي كل جملة وفي كل معنى على حدة .. فأعمال شكسبير أدبية بالاساس والحكاية هي الأمر الثانوي على العمل .. لذا فان مثل هذه الاعمال تتأثر كثيرا بعملية الترجمة حيث تفقدها الترجمة أروع ما فيها .. لأنك ان استطعت ان تترجم المعاني والكلمات فلن تستطيع ان تترجم تناسق الحروف وتناغم الكلمات التي يبثها شكسبير في نصوصه وقد حاولت قراءة بعض النصوص من الرواية بلغتها الام فكان الفارق واضحا .. شكسبير يرسم بالكلمات ويعطيها لحنا وجرسا موسيقيا لطيفا يكاد يصل الى الشعر في كثير من الأحيان .. ولم يحل بيني وبين استكمال المسرحية بالانجليزية الا الصعوبة البالغة لألفاظه ومصطلحاته .. وما هون علي أيضا قراءتها بالعربية هو روعة الترجمة في هذه الرواية بالذات فقد استطاع المترجم ان ينقل شيئا كثيرا من الاحساس والمعنى والخيال واللحن في ترجمته .. حتى اني ارى ترجمته عملا فنيا مستقلا في حد ذاته .. وقد اضاف المترجم حاشية شرح فيها كل تصرف قام بادخاله على النص الاصلي
ويظهر ايضا في المسرحية استخدام شكسبير للحكمة بشكل واسع ..فيقوم باستخدام حكم بسيطة في المحادثات بين الاشخاص بدلا من الاجابات المباشرة
ايضا تتميز المسرحية بسرعة احداثها فجميع احداثها لم تتعد الاسبوع تقريبا بالرغم من غزارة الاحداث فيها
ومن مميزات الكتابة لدى شكسبير ايضا مخاطبة الجمهور على لسان ابطال قصصه ليوصل لهم رسالة يؤمن بها هو ولكن لم يتسع له المقام في هذه القصة للاكثار من هذا فجميع ابطال القصة كانوا في حال تغنيهم عن توجيه الحكم والنصائح العامة