سمعت كثيرا عن رواية " العجوز والبحر " ، ربما منذ عدة سنوات ، لا أتذكر بشكل محدد ولا أعلم لماذا لم أضعها ضمن خططي القرائية رغم ميلي إلى الأدب المترجم ..
وبعد نسياني لأمر تلك الرواية تماما وعدم وضعها في حسباني ، وجدت إصدار ترجمة جديدة لها لصديقي العزيز " محمود حسني " ، هنا فقط قررت قراءتها لسببين ، الأول أنني قد تأخرت كثيرا عن قراءة تلك الرواية الذائع صيتها ، والثاني أنني رغبت في معرفة الأسلوب الأدبي لمحمود وخاصة في التراجم خاصة وأن ما قرأته له سابقا شجعني على ذلك بشكل كبير ..
حسنا .. ندخل في صلب الموضوع ، مبدأيا أنا لا أحبذ قراءة مقدمة أي كتاب أو رواية لأنها تصيبني بالكثير من الملل ، فضلا أن المعظم يحرق أحداث العمل داخل تلك المقدمة ولكن هذه المرة قررت مخالفة قواعدي ووجدت أن قراري كان صائبا ..
مقدمة محمود كفيلة بأنها تشجع على قراءة العمل بشكل كبير خاصة وأنها لم تحرق العمل ، فضلا عن ذكره جانب شخصي عن تجربته الحية مع هذا العمل وهو ما يتسبب في وجود ألفة وعلاقة حسية بين المترجم والقاريء ..
نأتي للعمل ذاته : هذا العمل هو أول قراءة لي لهمنجواي ، قد تكون فكرة الرواية بسيطة وحتى عدد صفحاتها قليل ولكن مقارنة ذلك بالأحداث الواردة فيها والحركة والشد والجذب والحوارات الإنسانية سواء بين العجوز والصبي أو العجوز ونفسه أو العجوز والسمكة ، نجد أننا أمام عمل متميز من الدرجة الأولى تمكن الكاتب من خلاله إيصال الكثير من المعاني خاصة عند اصطياده للسمكة وحواره معها وانتقاله من صيغة المذكر إلى المؤنث حسب مشاعره في ذلك الوقت ما بين رؤيته للسمكة كعدو وعطفه عليها كأنثى ضعيفة وظهر ذلك جليا عندما هاجمتها أسماك القرش أكثر من مرة ..
وبما انني لم اقرأ الرواية في نصها الأصلي ، فالفضل في إيصال تلك الجوانب والمعاني داخل الرواية يرجع إلى المترجم الذي نجح باستخدام أسلوب أدبي سلس وتعابير شيقة واعتماده على كلمات بعينها تجعل القاريء يشعر وكأنه في القارب ذاته مع الصياد العجوز خاصة الوصف ..
ورغم عدم ميلي إلى الوصف المتزايد داخل أي عمل إلا أن هناك أعمال استثنائية من تلك القاعدة بالنسبة لي ، في تلك الرواية الوصف كان مطلوباً خاصة وصف المعركة الدائرة في البحر ولذلك لم تكن هناك كلمة في غير محلها أو وجودها زائد ..
التقييم العام : 4 نجمات للفكرة والكاتب والمترجم ، ربما النجمة الناقصة تعود إلى عدم شعوري بالشبع أثناء القراءة ، بعض الأعمال تحتاج إلى إطالة خاصة وإذا كان المترجم ناجح في أن يجعل القاريء يشعر بعدم كونه أمام عمل مترجم بل عمل أصلي باللغة الأم ..
أنصح بقراءته بترجمة محمود حسني :)