حتى تتراخى يداي عما تمسك بهما لأغطي بهما وجهي وقد راحت روحي تبكي بثنائية منعشة ، النهاية أزاحت عني حجابا مجهولا لتنتفض روحي بلطف تبكي وترتعش ، تلك الكلمات الأخيرة والختامية ، نهاية المطاف عندما وقع بصري عليها مر على مخيلتي كفاح طويل وسعادة وحزن ونصر وهزيمة ، تلك الأرواح التي كانت منتعشة مؤمنة مدركة لضعفها وناكرة إياه في الوقت ذاته ، كلها جميعها تراءت أمام مخيلتي كأرواح خالدة بطولية ، أكملت مهمتها على أكمل وجه ، لطالما آمنت بهذا ، ليس النصر فقط أن ترفع رايتك وتملي شروطك ليست الهزيمة ان ينتصر عليك عدوك ويطردك ، بل النصر الحقيقي هو عزمك وبقاء روحك عالية مستقلة ، كم من أولئك الأبطال الذين كانو على المشانق كأنهم على عروش مبجلين ، تخيلت أسد الصحراء عمر المختار وهو يرفع مشنوقا أو يرمى من على طائرة الله اعلم ، كان يبدو ملكا متوجا على عرشه وأولئك الأعداء الذين يقيدونه كانو أشبه ما يكون بمجرد خدم ! كذلك كان بطلي القديم الجديد الذي تعرفت عليه اليوم فقط تقريبا الجنرال عثمان باتور ، هذه الرواية على الرغم من كونها بسيطة جدا من الناحية الأدبية فلا صور وأساليب بلاغية كثيرة ولا اسلوب شاعري مرهف ظاهر البيان ، إلا أن سحرها كان لا يحتاج إلا أي من تلك الصور البلاغية الجمالية ، كانت جميلة في مضمونها ، كانت أسطر مليئة بالحكم الضائعة ، بالحقيقة ، أمير قومول والأميرة الصغيرة وحكاية خاتون و " انا أبوها " والقائد نايز حاجي ومنصور الشهيد المسكين والرواي العزيز مصطفى ، وأخيرا بطلتي المحببة في الرواية " نجمة الليل " تلك الشخصية الغامضة المشتعلة ، لكم أحببتها ، الشخصية التي تمثل التضحية على حساب سوء فهم المنطلق من التسرع في الحكم على الغير ، كم عانى شعب تركستان للحفاظ على ديانته ومقدساته ؟ وكم قدم لنا هذا الشعب من خيرات أخروية ، إمامنا البخاري من تلك الأرض الشريفة ! ، لطالما كنت أبحث على من يظهر الصورة الأصيلة للإيمان التي ترتسم في مخيلته وفعلا وجدتها في شخصيات كثيرة في هذه الراوية ، أن تكون على حق لا يعني أنك ستعيش منتصرا ، أنت تكون على حق هذا لا يعني أن النصر الحتمي سيكون من نصيبك أنت فقط ، أنت تكون مسلما ، هو فقط أن تكون مسلما وتصر محافظا على نور إيمانك في أرجاء قلبك الصغير
هناك الكثير من الكلمات البسيطة والجمل ، هزت كياني ، كانت عميقة ، شديدة ، لطيفة هشة و صلبة ، هذه الرواية أوصلتني إلى أفكار كثيرة عنت لي الكثير حقا ، هي أشبه ما يكون بالسرد المتواصل ، لأنها كانت مكتفية به ، لم تكن في حاجة إلى مزيد من الحلي ، فسببها هو الفكرة ، أن تصل لي صورة زمن من الأزمان ، أحداث عظيمة حصلت في أرض تركستان
وأختم كلماتي المحترقة بآخر ما قاله الجنرال عثمان في الرواية قبل معركتهم الأخيرة
" أيها الأصدقاء سندخل المعركة ، ومن بقى منكم حيا فليحمل قصة جهادنا وعذابنا الطويل للأمم المسلمة النائمة في الجنوب وفي المشرق والمغرب العربي وفي أندونيسيا والهند وباكستان وقولوا لهم إن الأندلس الثانية قد سقطت في يد عدو الله والإنسان من يدري لعل المسلمون يتيقظون في يوم من الأيام يجمعون شتاتهم وتكون لهم معركة كبرى ينتصرون فيها لله قولوا للمسلمين في أطراف الأرض لا تصدقوا صحف العدو ولا تثقوافي تاريخه وفلسفته ودعوته "
وأنا أيضا أريد اصرخ بأعلى صوتي أكرر تلك الجملة الأخيرة
قولوا للمسلمين في أطراف الأرض لا تصدقوا صحف العدو ولا تثقوافي تاريخه وفلسفته ودعوته
قولوا للمسلمين في أطراف الأرض لا تصدقوا صحف العدو ولا تثقوافي تاريخه وفلسفته ودعوته
قولوا للمسلمين في أطراف الأرض لا تصدقوا صحف العدو ولا تثقوافي تاريخه وفلسفته ودعوته