ليس غريبا في الواقع في بلدتنا أن يرث الإنسان مركزا مرموقا لمجرد أنه يملك العباءة. إذ لم يحدث قط في بلدتنا أن رجلا لديه عباءة و لم يكن كبير قومه بالضرورة. و كم في البلدة من رجال في أقوام لهم ثقلهم في الحديث و الرجولة و الحكمة و المروءة و الأدب و مع ذلك ترى كبارهم الرسميين مجرد جواليص من الطين المكبب داخل عباءات من الجوخ الأسود اللامع في رصانة و جزالة. هؤلاء لولا العباءات التي على أكتافهم ما التفتت إليهم عين و لا اهتزت من كلامهم ذبابة.
يتتبع تاريخ العائلة المصرية في نصف قرن بالرصد و التحليل عن طريق تتبع تاريخ عباءة عميد آل حشلة في إحدى قرى ريف مصر
يقولون أن مصر لا تنفع فيها حرب أهلية كلبنان؟! الواقع أن الحرب الأهلية في مصر لا مثيل لها في التاريخ! حرب بلا بارود و لا أسلحة تقليدية!! كله ضرب تحت الحزام! هذه الفوضى الاقتصادية و هذه الانهيارات الخلقية هي الأسلحة التي ستنتشر بصورة مفزعة! لا نأمل في أي ثورة أو إصلاح لأن حجم المستفيدين من الفساد رهيب! و من يقع عليهم الظلم قد فقدوا الإحساس حتى بالظلم! أصبحوا على قناعة بأن هذا هو حظهم في الحياة كما رسمه الله لهم! و ليس عليهم إلا أن يتقبلوه بكل ترحاب.
حكاية عن تشرذم العربان و ضياع أخلاق القرية إلا أن الحل ربما يكون في ألا يكون هناك عربان و لا قرية طالما بقيت العباءة إلا أن العباءة ماتت في النهاية و لم يبق منها إلا الأثر.
الآن قد استرحت. ليس لأن العباءة عادت إلى مكانها. فالعباءة في حد ذاتها ليس لها قيمة بين الأشقاء. و هي الآن لم يصبح لها أي قيمة لأن أحدا لم يعد يحترمها. لم يعد يلبسها كبار القوم لأن الأقوام لم يعد لهم كبراء! لم يعد هناك أقوام أصلا.