مراجعة لقصيدة لماذا تركت الحصان وحيدا
التحليل :
إلى أين تأخذني يا أبي؟
إلى جهة الريح يا ولدي …
هكذا استهل درويش قصيدته بشكل حوراي سردي بين الولد والأب ، فهو يجسد لنا حالة الخروج من البروة والهجوم الاسرئيلي على المدينة ، فقد قدم لنا درويش تفاصيل عملية الخروج بفقصيدة تحمل طابع قصصي فيه وتر سردي يعلو ويخفت على حسب المشهد .
ـ ومن يسكن البيت من بعدنا
يا أبي ؟
ـ سيبقى على حاله مثلما كان
يا ولدي !
تحسس مفتاحه مثلما يتحسس
أعضاءه ، واطمئن
ثم ينطلق درويش ليجسد لنا الحالة الشائعة آنذاك وفي ذلك الوقت ، والحلم الفلسطيني الذي لازال قائما لوقتنا الحالي ، وهو أمل الرجوع للديار ، وكان أيضا على شكل حوار بتجسيد صوت الفطرة والبراءة وكان المعادل الموضوعي فيها محمود درويش الطفل ، وصوت الأب الذي يجسد الأصالة وعراقة الآباء والأجداد . وكان المفتاح الذي يمثل رمز الأمل في العودة ورفض الوطن البديل ، وكان هذا هو إحدى الثوابت عند كل لاجيء فلسطيني غادر بيته فكان لزاما عليه أن يحتفظ بالمفتاح ، لأنه يوما سيعود إلى بيته ويفتح بابه بالمفتاح الذي معه .
ـ لماذا تركت الحصان وحيداً؟
ـ لكي يؤنس البيت ، يا ولدي ،
فالبيوت تموت إذا غاب سكانها …
فهنا برز المقطع في القصيدة الذي يعد عنوان القصيدة وعنوان الديوان ، وأما بروز الحصان في العنوان. فسيكون لونا من ألوان تغليب الموضوعي على الذاتي في بناء المشهد. إضافة الى دلالات كثيرة يفجرها ترك الحصان الذي يشكل في القصيدة العربية، عادة، رمزا قادرا على الجمع بين الحيوية في أوقات السلم، والاستعداد لدرء الخطر في أوقات الحرب.
وفي الختام ختم درويش قصيدته بمشاهد تأمليه للوضع ، وأمل عودة الذي لازال موجود عند كل فلسطيني .
تحليل القصيدة من منظور بعض القضايا الأدبية :
الوحدة العضوية :
إن هذا القصيدة من نظر الوحدة العضوية متماسكة تماما ، فنرى تكامل مطلع القصيدة وختامها معا ، عرض مشاهد مستقلة نوعا ما
لكنها كلها كانت تصب في المضمون الأساسي للنص .
فكل الصور الجزئية تؤدي إلى صورة كلية متناسقة
الشكل والمضمون في القصيدة :
ولكن نرى في هذه القصيدة أن درويش وازن ما بين الشكل والمضمون ، وساهم في ابراز المضمون من خلال الشكل ، الذي أثرى فكان المضمون واضحا بارزا نبيلا
وجاء الشكل معبرا عنه تعبيرا دقيقا في أساليب منسجمة معه
أتم الانسجام
العاطفة والخيال :
خيال ابتكاري صور جديدة ، التصوير بعناصر حسية لتقريب المشاهد البعيدة ، والعناصر المتناثرة بدت متناغمة من خلال الخيال ، فأزال التنافر ، وولد صور متناغمة متآلفة متناغمة ، عاطفة قوية وحارة ، كانت صادقة ونجح الخيال في تقديم صور حية نابضة مؤثرة .
الغموض :
وازنت القصيدة بين السطحية والمباشرة من جهة
وبين الغموض والإبهام من جهة اخرى
الخاتمة
عمر عبده - عمان الأردن