خائف. إني خائف من زيارتي هذه إلى بيروت. خائف من مدينة أتكلم لغة أهلها ولا أتكلمها حقاً، ولم أزرها منذ ثلاثة عشر عاماً وكنت صبياً على أبواب مراهقة تعمدت ولادتي بالحرب اللبنانية بعد عام من صرختي الأولى في هذا العالم المتوحش. لم أر بيروت على شاشة التلفزيون الفرنسي إلا مسرحاً للحرائق والمعارك والرهائن والموت وتمجيد الموت. خائف من نبوءة الذي يغطي مطار باريس ويعرقل إقلاع الطائرات؛ ربما لأن طائرة بيروت من الضباب... وقدرها من ضباب ورأسي كله من ضباب. ولعل الضباب يتدفق الآن من عيني وأذني وفتحتي أنفي وفمي وثيابي، ولعلي رجل من ضباب. حدّق فواز في وجه دانا. ابتسمت له بودّ أليف. اطمأنّ إذ أدرك أنها لا ترى الضباب الذي يسيل من روحه عبر شقوق جسده، ولا تعرف أنه يراها ضباباً كالمرئيات كلها في هذا اليوم والذكريات كلها وربما المستقبل كله. إذن لم يسقط قناعي التنكري الهادئ عن وجهي.. بالمقابل ربما كان من الأفضل لي فتح جرحي قطبة بعد أخرى والاعتراف بخوفي لنفسي.
سهرة تنكرية للموتى
نبذة عن الرواية
هموم لبنان وشجونه ساكنة في قلب ذاق عذابات أحداثها، رحل عن أرضها خوفاً على حياتهن لكن قلبه ما زال مزروعاً فيها. وفي عوده بعد زمن برفقة آخرين، تنطلق الروائية في استحضار أحداث، مزدحمة بوتيرة الحياة الاجتماعية السياسية الاقتصادية اللبنانية، والتي تتشكل من خلالها صور الحياة بكل متناقضاتها. بكل مساوئها وبكل محاسنها، بفرحها وحزنها، بضيائها وظلامها، بإنسانيتها وبشيطانيتها. رواية وكاتبة وأسلوب سهل ممتنع يرتقي بالعمل الأدبي إلى مراتب الإبداع.التصنيف
عن الطبعة
- نشر سنة 2003
- 336 صفحة
- [ردمك 13] 5289953410424
- منشورات غادة السمان
تحميل وقراءة الرواية على تطبيق أبجد
أبلغوني عند توفره
46 مشاركة
اقتباسات من رواية سهرة تنكرية للموتى
مشاركة من فريق أبجد
كل الاقتباساتمراجعات
كن أول من يراجع الكتاب
-
نورالهدى عطوي
جسدت غادة السمان في هذه الرواية كل فئات لبنان في حربهم الاهلية التي لم تعرف نهاية الى يومنا هذا. وقد خطت رواية من خيال وواقع من الم، فتحدثت في طي صفحاتها عن الاغتراب والبؤس والفساد والواقع اللبناني المعذب من خلال ابطال الرواية المغتربين في فرنسا والذين اجتمعوا للعودة الى الوطن الام في اجازة كانت هي رحلة المغامرة والالم واعادة تصوير الوطن