في هذا الجزء من الرواية تنوع رهيب يجعلك تتعلق بها حد الجنون...فمن الوصف الرائع و الدقيق في مواضع كثيرة للشرق و الصحراء و الحياة فيهما على لسان الغربيين الى صراع النساء في داخل القصور و أثره على مستقبل الدولة و نهجها الى البعد التاريخي في سرد قصة توحيد المملكة السعودية تحت قيادة واحدة الى دور رجال الدين في تحليل و تحريم ما يروق للسلطان، تجد نفسك جزءا لا يتجزأ من التفاصيل التي تسرد بسلاسة و كأنها واقعك الذي عشته يوما ما، بالأخص اذا استطعت أن تربط الأحداث بما تعنيه السعودية في خارطة العالم العربي اليوم.
يعود عبد الرحمن منيف في هذا الجزء الى زمن الملك عبدالعزيز "مؤسس المملكة" و كيف كانت هذه البلاد مقسمة بين القبائل البدوية التي تغزو بعضها بعضا ألى أن جاءت بريطانيا لتسانده في حربه ضد القبائل الأخرى، و تظهر الرواية الطريقة الأنجليزية الشهيرة في التعامل مع عملائها ، فتمكنهم حينا و تخذلهم أحيان و تقوي اعدائهم لتبقى مسيطرة على الجميع، و بالنهاية لتتأكد بأنها أختارت العميل الأقوى و نصرته على الآخرين و في نفس الوقت لا تمنحه كامل القوة ليبقى راضخا لشروطها و عميلا صغيرا تحت عباءتها.
غريبون نحن العرب، فتنافسنا شديد حد الموت و لكن في ماذا؟ في الخيانة و العمالة! يا الله من قسوة التاريخ التي تضع امامك النماذج القيادية في أمة يسيرون بامر المستعمر و الأدهى و الأمر من ذلك أن هذا لا يتم الّا بأسم الدين.
تحدثت الرواية بتفصيل و أسهاب عن المعارك التي قتل فيها آلاف العرب في اقتتال داخلي لكي يحيى السلطان ( أو شرع الله، أفهمها كما شئت) لتوحيد السعودية تحت راية واحدة، و الأدهى من ذلك أن رجال السلطان تم تصفيتهم في حروب لاحقة لتعديهم على "شرع الله"و تحدثت عن اجتثاث ابن ماضي (الحسين بن علي) من الحجاز بالرغم من أنه كان رجل بريطانيا الأول في المنطقة.
النقطة المهمة، أن هذه الرواية ليست من وحي الخيال فمعظم ما جاء فيها من تاريخ آل سعود الحقيقي و كل الشخصيات شخصيات حقيقية و لكن بأسماء مستعارة.