القراءة للعقاد فى ترجماته لصحابة رسول الله تجربة مختلفة وثرية ،ذلك أن بعض هذه الشخصيات قرأت عنهم كثيراً فى كتب أخرى لكن العقاد مختلف تمام الإختلاف عن كل من كتب سيرة الصحابة فلا هو يمتدحهم إلى حد المبالغة أو النيل منهم لحد التقليل من مكانتهم العظمى .وهنا بالتحديد فى "عبقرية عثمان" تظهر هذه الخاصية للعقاد فهو لا يعترف لذو النورين _رضى الله عنه_بعبقرية لكنه نور اليقين والأريحية والخلق الأمين ،اذا كنت ستقرأ الكتاب للبحث فى فترة الفتنة الكبرى وأسبابها فلا أنصحك بالبدء به ،لأن العقاد هنا لا يكتب عن الخصومات والأحداث _على حد تعبيره_إنما كتب عن القيم والمبادىء التى قامت عليها هذه الخصومات فبيّن العقاد هنا التطور السياسى الذى حدث إبان فترة خلافة عثمان بن عفان رضى الله عنه وأرضاه الذى لولاه ما حدثت الفتنة حتى أنه سمّى فصلاً فى الكتاب عن أسباب الفتنة بعنوان "أسباب ولا أسباب " فهو لا يرى أن هذه الحوادث هى السبب الرئيس فى الفتنة ولكن لاقترانها بالتطور السياسى والاجتماعى لتلك الفترة فاعتبرها لا فترة خلافة ولا ملك لما طرأ على المجتمع المسلم من وفرة وثراء ،ويرى أيضاً أن هذه الأسباب أو الحوادث لو وقعت فى عهد الخليفة أبو بكر الصديق أو عمر رضى الله عنهما لما وقعت الفتنة لأنه السبب الرئيس فى نظره هو الظروف السياسية لفترة خلافة عثمان رضى الله عنه .
أعتبر هذا الكتاب من أفضل الكتب التى أنصفت الخليفة الثالث ولكن يفضل عدم البدء به اذا كنت لم تقرأ فى الفتنة قبل ذلك أو على الأقل ينبغى لقارىء الكتاب أن يأخذ فكرة مُجمعة عن هذه الفترة حتى يكون الذهن حاضر أثناء قراءة الكتاب .
أعجبنى أن الكاتب لام
لمؤرخين اللذين دأبوا على وصف الخليفة الثالث بالضعف موضحاً أنه من الصعب على من يعلم أن فى السماحة قوة أنا يصف عثمان بالضعف .
استمتعت بالكتاب فهو كما قلت ليس سيرة تقليدية لصحابى جليل لسرد شمائله الطيبة وفضله فى الإسلام العقاد يجىء بموقف ما فى حياة الرجل ثم يتناوله بالتحليل الممتع المقنع بالغ الدقة