4.5
هي رواية لفرانسو كوبيه عرَّبها المنفلوطي بتصرف، عن الاختيار الكبير بين أقوى الحبين: حب الوالد وحب الوطن. ما أصعب أن يبتلى المرء بالاختيار بينهما عندما يتعارضان، مثلما تعرض لهذا قسطنطين وهو ابن قائد جيش البلقان الذي يحارب ضد الجيش العثماني الذي يعافر للاستيلاء على البلد التي سوف تزيد من حصنهم المناعي بعد ذلك، عندما تقرر انتخاب الملك القادم أخذ الطمع والنبؤات التي لا حول لها ولا قوة يأخذ من الأميرة اليونانية بازيليد زوجة قائد الجيش كل مأخذ من عقلها وأخذت تحيك المؤامرات والخطط لكي تتوج ملكة على عرش البلقان، وكان ذلك بعد أن ذهب العرش من زوجها الذي نقم كثيرا بعد بذله دمه فداء لوطنه وها هو يقابل بالجحود نتيجة لذلك بحجة أن مكانه في الجيش الذي له أكبر الأثر فيه على النصر وما كانت هذه الحجة إلى الحقيقة مجردة إلا أن زوجته ملأته بالسعي للسلطة إرضاء لها وهو الذي لا يرفض لها طلب حتى لو كان ذلك الطلب خيانة وطنه! أقنعته الأميرة بأن يسمح للجيش العثماني بعبور الحدود وسوف يتوجونه ملكاً بعد انتصارهم وتنال هي بغيتها مقابل خدمتهم وكان هذا نتيجة اتفاق مع جاسوس تركي كان يزورها وعقد معها هذا الاتفاق، وقبل هو ذلك و ضحى ببلده فداء لحبيبته، لكن قسطنطين الذي علم بالأمر تصدى لوالده وحاول أن يرده عن مسعاه وذكره بماضيه الباسل لكن لا فائدة وهنا اضطر قسطنطين من الاختيار بين أعز الحبين على قلبه، وكانت الكفة راجحة لوطنه الذي طالما دافعا عنه معاً، وقتل أباه وأنقذ الأمر في الوقت المناسب وأصبح هو القائد الذي لم تقر عينه بما فعله بوالده غير بأن ذاع صيته على أنه شهيد لا خائن فلا أحد بدراية بقتله أبيه من أجل أن يحيا وطنه حراً أبياً لم يصبح النصر حليفهم من بعد موت القائد السابق وانتهزت بازيليد ذلك أيَّما انتهاز وسببت وقيعة في الجيش بين قسطنطين وبين جنوده ونشرت بأنه خائن يسعى لإهلاك الجيش ليسهل دخول العدو وراحت بغير ذلك الوجه تحذره حتى أنها عرضت عليه أن يتم ما بدأه أبوه لكنه صدمها بواقع قتله له، فأوقعت به عند الملك بالوثيقة التي تظهر الاتفاق مع الجيش العثماني موقعه بختم القائد، وبذلك حكم عليه بالحياة مذلولاً مربوطاً بتمثال أبيه حتى كلما نظر إليه تذكر شهادته في سبيل بلاده، ولكن الحقيقة ما زالت مجهولة لأنه لم يشأ أن يشوه سمعة أبيه وكان قد رضي بالموت إلى أن فوجئ بالحكم ولكن كان لديه جارية أنقذها وأحبته وجاءت لترد إليه هذا المعروف فقتلته وقتلت نفسها فشكرها بين أنفاسه الأخيرة، وكانت صورة حزينة لكل من حضر الحكم، ولكن الحق لم يلبث أن ظهر حتى ولو بعد أعوام وحتى لو كان على لسان بازيليد في فراش الموت وعُرف أن قسطنين ماهو إلا مواطن شريف ضحى بوالده من أجل وطنه.
• رواية رائعة مليئة بالمشاعر ذات لغة قيّيمة للمنفلوطي تركت أثرا رائعا على الأحداث.