انتهيت من قراءة ( طوق الحمام ) لرجاء عالم ، بعد معاناة وسخط على هذه الرواية التي قاربت صفحاتها الـ 600 صفحة ، حاولت فيها رجاء أن تكتب بلغة مختلفة .
لكن جمال اللغة الذي تملكه رجاء لا يشفع لها أبدا، لا يشفع لها التشظي والشتات والحشو ومحاولة الاحتراف في الكتابة، ولا أدري هل تدرك رجاء أن عملا صغيرا مكون من 50 صفحة قد يفوق رواية مكونة من 600 صفحة كروايتها ؟!
هل تظن أن هذه الثرثرة التي تقوم بها هو الفن ؟!
كانوا يقولون أن مشكلة رجاء في لغتها ذات السقف المرتفع ، فدنت هنا فبان أن السقف بالٍ !
أرى أن يطلب الكاتب ود الطفل الصغير في أي كتاب يكتبه، ويبصق على النخبة المنافقة ، كما كان يقرر ماركيز من قبل ، قد أكون متحاملاً ، وأنا مستاء من هذا ؛ لكن من حقي كقارئ أن أبين انطباعي حتى لو كان انطباعا عفنا .
ثم يا رجاء مللنا رسائل التشكيك والمواعظ الوجودية.
*ملاحظة: الكلام أدناه ليس مهما.
قرأت رواية رجاء عالم (طوق الحمام) قبل أن تحصل على جائزة البوكر، وقد كتبت انطباعي عن تلك الرواية في الـ ( فيس بوك ) و الـ ( قود ريدز ) ، وكان هناك نقاشا ساخنا حوله.
أثير النقاش مرة أخرى بصخب بعد أن حازت رجاء الجائزة ، ظلت الجرائد المحلية تتحدث عن فوز رجاء عالم و تحدث النقاد بنوع من التبجيل الشديد لأعمال رجاء عالم، وكم كنت أتمنى أن يتحدثوا عن العمل الفائز، بعيدا عن كاتبه، ولكن ذلك لم يحدث، إلا أن قلة من النقاد، تحدثوا عن العمل بشكل مقتضب وقد يتضح من خلاله أن بعضهم لم يقرأ الرواية واكتفى بما كتب عنها!
بعد أن هدأت الضجة، كتب الصديق محمود تراوري، مقالا بعنوان:" لماذا تبدو الروايات صعبة؟" تحدث فيه عن رجاء عالم وروايتها طوق الحمام وذكر : " أن حظ رجاء أن قطاعا عريضا من القراء نشأ على التسلية كفعل قرائي..خالطا بين ما هو فن وبين ما هو مسل تنفيسي ( صحفي) يستجيب لنزعات استهلاكية بحتة" ثم ختم المقال بقوله:"لكنك قد تبدو حائرا إزاء قارئ يقدم نفسه على انه كاتب/فنان يمارس الرفض، وتحار أكثر حين لا يكتفي بالرفض فقط بل ينزع نحو التشويه والتشويش أيضا" ليقرر تراوري أن المشكلة ليست عند رجاء، المشكلة تكمن لدى القارئ السطحي البسيط الذي يبحث عن التسلية، ولا يعي الفن الذي يستلزم تفكيرا ووعيا بعيدا عن التسلية، تراوري كان مثل النقاد الذين يحاولون أن يقولوا دائما لنا: أن رجاء لا يفهمها ولا يقدر أعمالها إلا نحن فقط!
قبل أسابيع كتب محمود تراوري كلاما حميميا ورائعا عن الأستاذ عابد خزندار، ومما جاء في المقال أن الأستاذ عابد خزندار: " اقترح على الروائية رجاء عالم في لقاء أخير أن تغير أسلوب كتابتها، لأن الناس ملت، فغضبت منه وقاطعته. يستغرب عابد تصرفها ويتسأل ببراءة طفولية عرفت عنه " أليس صحيحا أن أسلوبها بات مملا؟"
وكم نحتاج إلى طفل في الساحة الثقافية يقول رأيه بكل صدق وبراءة، بعيد عن المجاملة والمدح الزائد.
ليُرفع الرابط على الشبكة الاجتماعية ويرد الأستاذ علي الشدوي مجيباً على تساؤل خزندار: "بلى أصبح أسلوبها مملا . أسعدني أن سمعت هذا الرأي من أستاذ كبير ، قلت هذا أكثر من مرة ... ذات مرة قدمت ورقة في نادي جدة الأدبي ؛- والكلام لعلي الشدوي- عنوانها " سرد الغندرة " عن " رواية " مسرى يارقيب . خلاصتها إن الأسلوب الذي تكتب به حولها إلى صانعة نثر ممل لمن يعي السرد ، وأن تحول مسرى يا رقيب إلى ما يشبه تجميعا لإشارات شكلية ، وأن القارئ الذي لا يعي أسلوب السرد ، مدعو إلى الإعجاب بمباهج الأسلوب أو تعقيده ، وهنا يصبح سوء التفاهم خطيرا بين القارئ وبين الرواية . ليس السرد معرفة ، إنما كيف نسرد المعرفة ؟ كيف نعطي ما نقرؤه شكلا سرديا ؟ . رجاء عالم في مسرى يا رقيب لم تعرف كيف تعطي معرفتها شكلا سرديا ، وبالرغم مما في جعبتها من علوم ظاهرة وباطنة ، إلا أنها عجزت عن استثمار مواردها للحكاية ، لذلك قلت عن سرد رجاء عالم في مسرى يا رقيب ( سرد الغندرة ). الخيلاء والتباهي بالمعرفة وسردها بطريقة استعراضية .
لا ينطبق هذا على مسرى يا رقيب إنما على جل أعمالها" .
ليعقب الأستاذ علي فايع الألمعي : " أنا بصدق لم أستطع أن أكمل عملاً واحداً لرجاء عالم، ومع ذلك أحترم تجربتها وأعتقد أنّ لها عشّاقاً وقرّاء كثيرين، مشكلة بعض مثقفينا أنّهم يعشقون المدائحيّة، ويغضبون جداً من القدح في أعمالهم، وهذا شيء طبيعي لمجتمع أعتاد على أن يمدح !" .
أستغرب بصراحة عندما يُذكر انطباع، مجرد انطباع فقط ويُهاجم صاحبه، ويُتهم أن ذلك الانطباع إنما كان لأشياء في النفس و تصفية حسابات!
وأخيرًا: يحكي أن السلطان أمر خياطه بخياطة أجمل ثوب له، وفي حالة عدم قدرته سوف يعاقبه، بعد المدة المقررة، فشل الخياط وأخذ يفكر في الخروج من هذا المأزق، فدخل على السلطان وهو يوهم الجميع أنه يحمل الثوب الذي صنعه الجن، والذي لا يراه إلا الأذكياء فقط، فجرد الخياط الملك من ملابسه وأوهمه أنه يلبسه، أخذ الوزراء والحاشية يشيدون بالثوب والخياط الذي صنعه حتى لا يتهمون بالغباء، انطلت الحيلة عليهم، وكذلك على الشعب، وعندما أراد السلطان أن يسير في مواكبه شاهده طفل صغير، فأخذ الطفل يضحك ويصرخ: " السلطان عاري ..السلطان عاري" فأنفجر الجميع بالضحك!
ما أحوجنا لذلك الطفل!