ستيغ لارسون كاتب وصحفي سويدي شاهد في عمر الخامسة عشر عملية اغتصاب جماعي لفتاة وشعر بالذنب الشديد لأنه لم يتدخل لإنقاذها، وكانت الحادثة ملهمته للتحدث عن قضية العنف ضد النساء في سلسلة رواياته التي لم أقرأ منها إلا هذه حالياً ... المفارقة في هذه الرواية أنها نشرت بعد وفاته ضمن الثلاثية التي تسمى بسلسلة الألفية "فتاة لا يحبها الرجال ..فتاة لعبت بالنار.. فتاة في عش الدبابير" وأنه لم يعش ليرى ويستمتع بهذا النجاح، وكانت في مخطط لسلسة من عشر روايات ولكن لم يُكمل منها إلا هذه الثلاثية فقط
بالنسبة للرواية:- خسر الصحفي "ميكائيل بلومفست" قضية تشهير ضد رجل الأعمال "وينرشتروم" أدت بالحكم علية مدة ثلاثة أشهر وغرامة مالية كبيرة جداً ... في هذه الأثناء تتبع سير المحاكمة "هنريك فانغر" العجوز (80عاماً) المتقاعد من رئاسة شركة فانغر وكلف محامية بالتقصي عن تاريخ حياة "بلومفست" لرغبته باستخدامه في كتابة سيرة عائلته التاريخية وفي التقصي والبحث عن ابنة أخيه "هارييت فانغر" التي اختفت في حادثة غامضة منذ 36 سنة في مقابل مكافأة مالية كبيرة و أدلة دامغة ضد "وينرشتروم" ليسترد مجده المهدور... توجه المحامي لجمع المعلومات عن "بلومفست" إلى شركة "ميلتون" الأمنية وكانت "سالاندر" هي المسئولة عن جمع هذه المعلومات
سالاندر الشخصية الانطوائية، بعادات غريبة من وشوم تغطي جسدها، ملابس غريبة، تصرفات عدائية، وعجزها في تكوين أي علاقات اجتماعية ناجحة مع محيطها، وصمها المجتمع بالشذوذ ولم يحاول مساعدتها فنشأت وهي تحاول تدبر أمورها بصعوبة بالغة ........ توالت الأحداث والتقى "بلومفست" و "سالاندر" وتعاونا في كشف اللغز "لغز هارييت" ... نجح "بلومفست" في إخراج "سالاندر" من قوقعتها من أول لقاء من غير أن يقصد ذلك ، فهو أول شخص يتعامل معها ككيان حي موجود و لا يتعامل معها ككائن غريب، وكان هذا التصرف صادماً لها وهزها من الداخل ولم تتقبله بسهولة خصوصاً أنه انبهر بذكائها وهي الشخص الذي طالما وُصف بالغباء، فهي تتمتع بذاكرة تصويرية خارقة بالإضافة لكونها "هاكرز" من الطراز الرفيع وكان "بلومفست" أول شخص يكتشف ذلك والأهم منه أنه اعترف لها بذلك
لغز اختفاء "هارييت" ليس المحور الوحيد في الرواية فهي تتكلم أيضاً عن الصراع الذي يخوضه الصحفي لكشف المعلومات واحترامه لأصول المهنة في ذلك .. تتكلم أيضاً على النازية .. تتناول المفهوم الهش المسمى " احترام الخصوصية" على الشبكة العنكبوتية فأغلب الحلول للألغاز في الرواية تمت عن طريق اختراق هذا "الشيء" المسمى بالخصوصية بأقل مجهود من قبل أشخاص محترفين "الهاكرز" .. وسالاندر كانت تستمتع بكشف أسرار الأشخاص الذين يدَّعون المثالية وتشعر بالسعادة والنشوة لتجريدهم من مثاليتهم ولو في نظرها وكأنها تحاول أن ترد اعتبارها لنفسها
شدتني كثيراً شخصيتي " سالاندر" و "مارتن فانغر" شقيق هارييت وهما تجسيد جميل للانخداع بالمظاهر .. فكما كانت "سالاندر" شاذة، نكرة، غبية، عالة على المجتمع وهي من الداخل عكس ذلك إلا أنها لم تجد من يحتويها، كان"مارتن" بنظر المجتمع شخصية شابة، محبوبة، ناجحة ورغم ذلك فالحقيقة عكس ذلك بكثير وصادمة جداً "فمارتن" ماهو إلا شخص سادي صنعه والده وأصبح خليفته في الجرائم التي يرتكبها، فهو يمتلك قبواً في منزله مجهز لتعذيب ضحاياه من النساء المختارات بعناية، يقوم بتعذيبهم بأقصى أنواع البشاعة وفي النهاية يغتصب ضحاياه ويقوم بقتلهم والتخلص منهن.. يقول مارتن النساء تختفي طوال الوقت وما من أحد يفتقدهن. جميع أصناف النساء، من مهاجرات وعاهرات من روسيا وآلاف الناس الذين يدخلون السويد كل عام
لم أحب أجزاء الرواية التي تتكلم في الأسهم، رؤوس الأموال الوهمية....إلخ لأني لا أفقه فيها وهي قٌدمت في الرواية وكأن الذي يقرأ يفقه في هذه الأشياء
نظره وملامح متفاجئة و مرعوبة "لهارييت" في صورة تكتشفها العين الصحافية ل"بلومفست" يبتدئ منها مشوار البحث وكشف اللغز الكبير .. .. رواية لا أستطيع تصنيفها، مكتوبة باحترافية استغرقت ثلاثة أيام في قراءتها ورغم مشاغلي لكنت تفرغت لها تماماً ... باختصار شديد تأخذ الأنفاس