احكيلك يا باشا:
شرفة الهذيان تبدأ أغنيتها الأولى بمأساة إنسانية، وتتحدث عن الحرية في أبسط صورها: العصافير والصقور والغربان والهذيان! الهذيان شامل عارم في هذه المعزوفة الأولى في مشروع الشرفات العبقري، في هذه الرواية المجنونة المليئة بالصور (أتحدث حرفيا الرواية مليئة بالفوتوغرافيا) ومليئة بالوحشة والأسى أيضا، العبث في أن يكون الشمال والشرق والجنوب متاحين لكن النظر ناحية الغرب ممنوع! وماذا هناك عند الغرب؟! لا شيء! عند الغرب المعرفة وكفى! وهو الشيء الممنوع!
الجار الذي يسرق الماء الوسخ بالليل والصراع على سرقة الماء الآسن وتجاهل القضية الحقيقية لماذا اتسخ الماء! لماذا مُنع الماء! عبثية العرب يعبر عنها في براعة شديد الآسر إبراهيم نصر الله..
شرفة الهذيان صادمة أكثر منها ممتعة ورمزيتها أشد بكثير من رجل الثلج، وتنتهي الرواية بقصيدة عن الأقفاص التي تحبس الناس ويهللون لها ويحبونها!
مأساة الرواية في العبث نفسه، أن يحدث كل ذلك لأن البطل اشترى عصفورا ولم يشتر كلب! في بلد يحرم تربية العصافير ويذبحها!
الطيور تلعب دورا مهما في حياة إبراهيم نصر الله منذ أن قرأت له طيور الحذر وتيقنت من ذلك.
أنا غير بارع في التعبير عن كتاب لأن ما يصلني يكون علاقة خاصة بيني وبين المؤلف وبين الأبطال سري الخاص الذي يكون صعبا جدا إطلاع الآخرين عليه.