طائران في قفص، يبحثان عن الحرّية، كلّ في الآخر
براري الحُمّى
نبذة عن الرواية
بعينيك المتعبتين، كنت ترقب حركة العتمة، هي حركة العتمة، أم حركة الضوء؟ غامضة، ناعمة، دقائق متحركة من السواد، تفرق فيها، ربما كنت تلمح شيئاً في داخلها يتحرك، شيئاً يشبه الوضوح، ولكنه ليس الضوء، يشبه الضوء ولكنه ليس النهار، يشبه النهار ولكنه ليس الشمس. أحكمت الغطاء حول جسدك، صدرك قدميك، أما رأسك فقد كان خارج مساحة الدفء في المحيط اللانهائي من المجهول، الحياة في العينين، وحجرات الدم متقدة في الجبين والبحر ينساب تحت الثياب، موجات صغيرة وادعة، بعد أن هدأت الزلازل في العظام والخلايا، تذكرت فاطمة، فأوشكت أن تظن بأنك عرفتها في أرض غير هذه الأرض، وأن العباءة التي سقطت عن رأسها وكتفيها في ذلك اليوم هي هذا الليل الطويل الذي ينتصب بينك وبينها، لعلها الليل. بيدك المرتجفة التي أصبحت أكثر برودة عندما أخرجتها من تحت الغطاء حاولت أن تمسك بطرف الليل، وتلقي بالعتمة بعيداً، ولكن يديك عادتا فارغتين، تكاد مفاصلهما أن تتحجر كالثلج، وأن تنكسر". في سردياته يخلق إبراهيم نصر الله جغرافية تخيلية مرعبة تلغي التاريخ والهوية والزمن، كما تلغي ثنائية الواقع والوهم أو الحلم، هناك يملك الإنسان تاريخاً شخصياً، أو هوية متميزة، بل أنه وبشكل فاجع لا يملك حتى موته الخاص. وفي هذه الرواية الكابوس تتفجر اللغة متشظية، متوترة، مجترحة تخترق الصفحات كالآسنة المشتعلة في عالم يعد ممكناً للبطولة بالمعنى الذي تحمله في الرواية الكلاسيكيةعن الطبعة
- نشر سنة 1995
- 93 صفحة
- [ردمك 13] 9786140100435
- نشر إلكتروني ذاتي - إبراهيم نصرالله
تحميل وقراءة الرواية على تطبيق أبجد
تحميل الكتابمراجعات
كن أول من يراجع الكتاب
-
Ghaida Abu kheiran
لأوّل مرّة تفعلُ بي " رواية " كالذي فعلته هذه ..
مخيفة إلى أبعد حد !!
تصف الرواية الواقع الاجتماعي القروي المخيف الذي عاشه الكاتب في قرية القنفذة في المملكة العربية السعودية في السبعينات من القرن الماضي ..
محمّد حمّاد .. أستاذٌ دفعته النكبة وَ الفقر إلى النزوح عن وطنه لتبدأ معاناته مع اغتراب الروح وَ وحشة المكان .. لتنشطرَ شخصيّته بين ذاتين وبين أرضين،
هذه المعاناة المؤلمة الناتجة عن الانفصال الفعلي للأستاذ محمد عن وطنه تولد لديه إحساسا بفقدان المواطنة في المكان الآخر الذي يتحول إلى منفى، بل إلى فضاء للموت.
وكلما حاصرته قسوة أراضي اللجوء الجرداء تبين له استحالة الانعتاق، فيقع في شراك الموت النفسي، وهذا الانفصال هو دليل اختفاء هويتة المطموسة وتجسيد حالة الموت في الحياة.
ومن ثمّ تبدأ شخصيّته بالذوبان في ذلك الوجود الذي وجد نفسه فيه .. وَ عبثاً حاول الخلاص
.
.
مليئة بالرموز من ألفها إلى يائها .. حتى إنّني كلما قلتُ بدأتُ بفهمها أجدني بعيدةً كلّ البعد عن ذلك ..
-
إبراهيم عادل
أتذكر أن هذه الرواية أخذتني وأعجبتني جدًا، على الرغم من الحالة الخاصة التي يصف فيها الراوي بطل قصته، إلا أني شعرت أنها صالحة لأن تعمم على حال المواطن العربي بشكل عام في الكثير من المدن التي تنتهك إنسانيته ..
.
-
مهند سعد
يقول إبراهيم نصر الله: رواياتي ليست أبنائي وإنما "أنا"
من هذا القول أبدا كلامي عن رواية "براري الحمّى" هذه الرواية التي بالفعل كانت الأنا لإبراهيم نصر الله كانت الذات كانت حديث الروح وجدال النفس ونزاع الذات كانت تهويمات في العقل الباطن كانت سردا على قارعة العمر كانت تعرية للألم على مذبح المونولوج .
رواية براري الحمى هي أولى روايات الكاتب ، جاءت الرواية في 166 صفحة تتحدث عن فترة زمنية عاشها الكاتب في السعودية عند تعيينه معلما في منطقة "القنفذة" أدار الكاتب الرواية بحرفية فنان تشكيلي وأذاب مفاهيمها بقدرة شاعر وصاغها بإبداع كاتب روائي قاصٍ بمهارة .
لعلي أكتب عن الرواية وأنا ما زلت مأخوذا بها وليسامحني من يقرأ المراجعة على قدر الإطراء الذي أضعه للكاتب ولكن هذا كتاب حق على كل محترفي الأدب والقراءة والنقد أن يطلعوا عليه ليروا الإبداع عندما يتجلى.
تبدأ الرواية من حيث النهاية أو تنتهي من حيث البداية وهذا هو ما أراده الكاتب أن يدخل في نفس القارئ وقد نجح شخصية البطل محمد حمّاد المعلم الوافد على المنطقة والذي يتنازعه صراع داخلي بين ذاتين ذات راضخة وأخرى نافرة ، ذات قانعة وأخرى متمردة ، ويزداد الحوار تهويما وأسطورية وخروجا عن المألوف عندما تزداد حمى الملاريا ضربها جسد محمد والتي كان لابد أن تظهر مع القارئ من بداية الحروف . فهذا كلام محموم لا تهويمات مقهور فقط.
وقع جدل نقدي قوي على الرواية من حيث إعطاء المكان حقّه ووصفه كما يجب أم انه أفاض في مساوئ المكان وأهله ولم يأتي على مناقبهم وحسناتهم ، لكن الكاتب لكي يخرج من هذه الزاوية فلقد أنطلق بلغته الشعرية يرسم نقاطا فاصلة في اللامكان واللازمان تصلح لكي تضعها قبعة على رأس أي مكان آخر وهذا ما جعل الكتاب حداثيا أو ما فوق الحداثيّ .
تبتعد أحداث الرواية وتقترب حسب نفسية بطل الرواية والذي يندمج أحيانا مع ذاته الأخرى فيكتب واقعا وينفصل عنها فينطق لوحات سريالية تضفي جوّا لا نهاية له من الإبداع
دراسة الكاتب السينمائية ظهرت جليّة في فقرات الكتاب حينما أعطى بعدا مسرحيا للشخصيات وتفكيرها وحينما كان يطلق العنان لها لتعطي رسما دقيقا للمكان وتهويماته وقربه من البحر والجبال والشمس والأرض.
الدلالات في الرواية كانت عميقة التركيب ممتنعة الحصون وتحتاج للكثير من التركيز وإعادة القراءة حتى ترسب في ذهن القارئ وعليه أن يضع في تفكيره دائما أن الكاتب هنا يكتب نفسه لكن بإبداع روائي وبمزاوجة السيرة الذاتية والرواية فكاتب لاجئ يأتي بعذاب لجوئه ليعيش عذاب "نفيه" لو أردنا أن نصورها كذلك لمنطقة القنفذة ليعلم أناسا تغلب عليهم صفة الجهل وتفشي المرض والانقطاع السكاني والحضاري حتى أنهم أقاموا مأدبة وأفراحا عندما قرروا مرور الشارع من منطقتهم تلك وبين عذاب اللجوء وعذاب الغربة المركبة كان هذا العمل الذي حلّق في سماء التحليل النفسي جيدا جدا ، فاطمة وأبو محمد واحمد لطفي والخمسة الراكبون على الدراجة دلالات فارقة في عمر الرواية وفي عمر الكاتب وفي عمر الوطن العربي ككل .
الرواية تستحق أكثر مما كتبت ومما سأكتب وتستحق أن تجد الاهتمام العربي والنقدي اللازم لها ، هنا كتابة متطورة تقرأها فتعتقد أنها كتبت قبل سنة أو اثنتين فتتفاجأ أنها موجودة منذ أكثر من 25 عاما .
رائعة جدا جدا جدا
-
ميسم عرار
#براري_الحمّى
أربكتني الرواية أكثر بكثير مما تفعل كتب نصرالله عادةً، رغم أنها أقلهن حظاً في نيل إعجابي.
الرواية ممتازة بمقاييس عالية، أسلوبها متفرد ومميز، وغريب. رغم إني لمست النَفَس الشعري فيها، وهذا يزعجني بعض الشيء، ولكنها على أية حال جميلة، وتحتوي الكثير من الكلمات والمشاهد التي تجعل القاريء يقف أمام نفسه.
ربما لانها أصلا تحاكي حالة الأنا التي عاشها نصرالله، فعكس تجربته الشخصية فيها، وترك الكثير منه بين صفحاتها نظراً لأنها واحدة من أولى رواياته.
كانت الرواية صراعاً مع الذات، يحيطها جو الصحراء الذي ساعد بقوة على خلق مشاهد مميزة ومبدعة ظهرت فيها الحمّى بوضوح.
الصحراء التي تتبدل وتتغير، وتنتقل إلى مرحلة أخرى جديدة ومختلفة، فيما بعد "الحداثة"، شكلت البيئة الأساسية والأرضية الاولى التي تستند عليها أحداث الرواية التي تأخذ الشكل السردي أكثر من اي شكل آخر.
أعترف أني لم أستمتع كثيراً في قراءتها، ولكن لا يمكنني أن أنكر أنها عمل أدبي رائع ومميز.
:)
#ميسم_عرار
-
Rudina K Yasin
الكتاب رقم 51/2023
براري الحمى
ابراهيم نصر الله
-كنت عاريا إلا من خوفي، ووحيد حتى حدود الغياب. فبدأت فصلا طويلا من البكاء .وروعني خبر موتي حين يصل للأخ نعمان. على الرغم من عدائي لضحكته المشاغبة. ومن بين دمعين تساءلت : ما لذي ستفعله أمي.
قلت : مازال ينبض.
قالوا بصوت رجل واحد : هذا لا يعني أنه حي
براري الحمى الصادرة عام 1985 والطبعة الثانية الصادرة عن دار الشروق 1992 هي تجربة الكاتب في رمزية عجيبة عندما عمل مدرسا في المملكة العربية السعودية 1976-1978 وبداية الرواية كما النهاية
تبدأ الرواية من حيث النهاية أو تنتهي من حيث البداية وهذا هو ما أراده الكاتب أن يدخل في نفس القارئ وقد نجح شخصية البطل محمد حمّاد المعلم الوافد على المنطقة والذي يتنازعه صراع داخلي بين ذاتين ذات راضخة للواقع وأخرى نافرة منه ، فهي حوار ذاتي بين الاستاذ ونفسه او بين ابراهيم الكاتب وابراهيم الراوي هنا كما فعل في ملهاته فهي صرخة انسانية في مواجهة كل ظروف القهر الطبيعية والمجتمعية التي مرت بمحمد وامثاله وضنك العيش فهي بين محمد الحي ومحمد الميت .
داخل صفحات الرواية :
هنا محمد حماد او ابراهيم المواطن الاردني البسيط الذي يبتعث الى السعودية في بيئة مختلفة عن بيئته وظروف حياة صعبة تختلف عن ظروف حياته فهي نوع من الهلوسات او سرد المتكلم لنفسه بين وافع وهذيان ، لا يوجد تسلسل زمني يوضح يوميات محمد في الرواية، المكان هو جنوب السعودية المحاذية لليمن، في مدن صغيرة موغلة بشظف العيش، فقر وصحراء وحرّ لا يطاق، بشر يعيشون في ظروف حياة قاهرة.
تدور الاحداث حول عملية الفقد وهنا الفقد يتمثل في ظروف مختلفة ( انساني وبيئي وحياة صعبة )،يستيقظ محمد ليجد ان زميله محمد مفقود فهو مبتعث للتدريس في السعودية،و تم فرزه الى مدينة “القنفذة” و”سبت شمران” جنوب السعودية مثله حيث يحملان نفس الاسم ،لقد اذهله عدم وجود زميله، بحث عنه ولم يجده، ذهب للشرطة وأبلغ عن غياب زميله، وعندما سئل عن اسم الزميل اعطاهم اسمه هو اي محمد حماد، وكذلك مواصفاته، لم يتفهم الشرطة هذا التطابق بين الاسمين والمواصفات، لكن محمد حماد مصرّ على افادته فهو مصاب بالحمى المستعرة في راسه والتي اوصلته لحد الهذيان من جو الصحراء القاتل ، هو يعيش في القنفذة معلما وحيدا فيها،.
مكان العمل هو قرية القنفدة وهي قرية صغيرة اهلها قلائل، متكيفين مع طقسها الحار جدا، وفق ظروف الصحراء القاهرة فلا طرقات معبدة ولا مياه نظيفة فقط خيم يدخلها القرود والحيوانات التي تعيش مع اهلها البدائيون يتعامل اهل القرية معه كمبتعث غريب عن القرية سوف يغادر قريبا ، لا طرقات معبّدة بين المدن، سيصل الطريق الى القنفذة بعد سنتين، وسيكون عيدا لكل الناس. الارض رمل لا تخصب، المياه عزيزة وغير متوفّرة، وعندما تأتي الأمطار تأتي على شكل سيول تهاجم كل شيئ ، البئر الوحيد في القرية يبتلع الكثير من شبابه عندما يحاولون ان ينزلوا فيه لأي سبب كان.
يحاول محمد ان يبحث عن المراة ربما تنسيه هذا الجحيم الذي يعيشه جحيم الصحراء القاتلة حيث تتحول المرأة لهاجس وهوى وحاجة ملحّة تهاجم الجسد والروح لكن جاره يعلن الحرب عليه هخوفا على حرمته الصغيرة في العمر مقارنة برجل مسن على حافة قبره.
محمد لا يتقبل غياب الأستاذ محمد الاخر، الذي لن يكون سوى نفسه التي أضاعها في هذا القفر الحار وجهنّم الأرض حيث هو، سيتفهم الشرطة ذلك وسيدفع مالا لاشخاص يريدون دفنه رغم اخبارهم انه حي فيعطيهم مالا ليرتاح من الحاحهم . تعرّف على ابا محمد الرجل المصر على زراعة الصحراء دون كلل، رغم غياب الأمل بأن تنتج تلك الرمال زرعا، سيكتشف ان تلك الديار موغلة في القدم، وعصيّة على الحياة وطاردة لها، سيتعرّف على فاطمة كحبّ مستحيل فتاة من رغبة وغياب، حضورها شبه مستحيل، وحضورها لا يتأكد منه محمد أبدا، سيبقى يعشقها ولا نتأكد من حصول الوصال ام لا. سيبقى محمد مسكون بغياب زميله الذي هو نفسه، مسكون بالحرّ ومحاط بالرمل والغياب، ينتظر حبا مع فاطمة مستحيل التحقق، وغياب التواصل مع بشر يعيسون ضمن بيئة قاحلة موحشة .
الرموز في الرواية كانت عميقة التركيب ممتنعة الحصون وتحتاج للكثير من التركيز وإعادة القراءة حتى ترسب في ذهن القارئ وعليه أن يضع في تفكيره دائما أن الكاتب هنا يكتب نفسه بالرغم من اعلان موته في النهاية لان الحياة في ظل تلك الظروف مستحيلة لكن بإبداع روائي وبمزاوجة السيرة الذاتية والرواية فكاتب لاجئ يأتي بعذاب لجوئه ليعيش عذاب "نفيه" مع اناس غلب بل تفشى بهم الجهل في صدمة حضارية صعبة ، فالكاتب هنا وصف تجربة عاشها المعلمون العرب ، الذين استعانت بهم الدولة السعودية قبل عشرات السنين، لتحاول ردّم هوّة نقص المعلمين عندها، حيث وزّعتهم على قراها ومدنها المبعثرة في صحراء لا ترحم، لكنها صرخة استغاثة انسانية في مواجهة ظروف حياة قاسية، الطبيعة المجرمة بحق البشر، والبشر الساكنين في تخلف موغل في القدم، وبغياب العلاقات الإنسانية السويّة وأهمها الحب، لذلك كانت البداية مثل النهاية غياب الاستاذ عن ذاته ثم اعلان موته فالحياة لم تكن لتستمر وفق هذه الظروف.
-
سمية
براري الحمى
لابراهيم نصر الله
رواية تأسر القارئ بين صفحاتها، فتمنعه من مغادرتها دون أ تصيبه بذات الحمى، فتجعل دروب البراري التي زارها بين دفتي الكتاب تسيطر على عقله كما فعلت بمحمد أحد شخوص الرواية حتى يعجز عن ربط خيوط النهاية.
من أكثر الروايات العربية تشويقا وأظنها من أكثر الأعمال الروائية التي أخدت بيد الرواية العربية نحوى منحنى جديد غير ذلك الكلاسيكي المعهود.
قوة السرد في هذا العمل رهيبة، فهي تجمع بين البساطة والعمق الشديد في تصوير الصراع النفسي الذي أرهق الاستاذ محمد وهو ذاته الذي يرهق المهاجر العربي كل يوم. يظهر هذا جليا من خلال الرمزية التي استعملها الكاتب والتي ربطت العمل الروائي بالواقع الحقيقي المعاش فاستطاعت بذلك استنساخ صورة أدبية جميلة لكل ما هو حقيقي.
ترابطها وتماسكها يدفعان القارئ إلى نهش سطورها الواحد تلوى الآخر باحثا عن الخيط الذي يوصله للنهاية،التي كلما يخال له أنه قد بلغها حتى يتضح أن ذلك مجرد سراب وأنه لازال يعي شيئا. كما أن اللغة المتناسقة والقدرة العظيمة على وصف تفاصيل صحراء الحجاز كان كافيا لجعل القارئ فوق خشبة الواقع يعيش التفاصيل الواحدة تلوى الأخرى.
ولعل لوحة البراري التي صاغها الكاتب في عمله هي الحمى التي أصابت محمد ثم أصابت بعده القارئ فجعلته يخوض نفس الضياع بغية الحصول على حقيقة يشترك في البحث عنها كلاهما .وهي نفسها تلك التي لا تفارق كل واحد منا و يظهر هذا التطابق في الشعور من خلال الصور البيانية التي إستعملها الكاتب بتوفيق ممتاز والتي استطاع من خلالها نقل العمل من أدب مجرد إلى لوحة فنية مستوفية كل الشروط الأدبية التي تخولها لرسم الواقع بلغة الحرف.
-هذا العمل قادر أن يجعلك متيما بقلم ابراهيم نصر الله.
إقتباسات:
قلت : مازال ينبض.
قالوا بصوت رجل واحد : هذا لا يعني أنه حي
-كنت عاريا إلا من خوفي، ووحيد حتى حدود الغياب. فبدأت فصلا طويلا من البكاء .وروعني خبر موتي حين يصل للأخ نعمان. على الرغم من عدائي لضحكته المشاغبة. ومن بين دمعين تساءلت : ما لذي ستفعله أمي.
-واعتصرتك بألم فكرة أن المقابر تكبر والقرى تضيق
التقييم٥/٥
قواجليةسمية
-
Dr.Hanan Farouk
تساءلت كثيراً وأنا أقرأ تلك الرواية..:
هل المكان هو سر إبداع هذا العمل؟
بالتأكيد للمكان أثر دائماً فيما نكتب ونفعل ونفكر لكني أظن أن الأقوى من المكان هو مايكتنف هذا المكان من حياة أو موت..تأكدت لي الفكرة وأنا أتكلم مع صديقة عزيزة عاشت نفس تجربة الكاتب في نفس الوقت الذي يتكلم فيه وعنه فوجدتها تحكي عن منطقة من المناطق التي ذكرها مع العلم أنها ليست أديبة أو كاتبة قالت:
شاطيء........في هذا المكان كنا نذهب إليه لنخيم ونكسر ملل السنين ..كنت إذا ذهبت له وحدي أو مع أسرتي فقط أشعر أنه موحش مخيف لكني إن ذهبت مع مجموعة بعينها رايت جماله وفتنته وزرقة البحر والسماء وأحسست بالسعادة..
وقديماً قالوا في المثل الشعبي المصري:
جنة من غير ناس ماتنداس
مابالكم إن لم تكن جنة أصلاً خاصة بمقاييس شعوب اعتادت الخضرة والماء والحركة والحياة النابضة ..؟
مشكلة الرواية أنها تحتاج شيئين على قدر من الأهمية الأول هوألا يكون القاريء عادياً أو فقط من هواة الروايات فحسب ..ألا يكون القارىي سلبياً مستسلماً لخيال الكاتب بل يجب أن يكون مشاركاً إبداعياً قوياً ..لأنه سيحتاج إلى أن يدخل إلى نفسية الكاتب..تفاعلاته..هذيانه..سيحتاج لأن يكون جزءاً من منظومة الجنون اليائس في الرواية وإلا فلن يشعر بها..والشيء الثاني وكان له عامل أهم في قراءتي أن يكون هذا القارىء عايش مكان أو جو الرواية من قبل بشكل أو بآخر لأنه لن يشعر بتلك الزلزلات المتتالية إلا إذا بالفعل كان قد رأي بعضاً أو كلاً مما رآه الكاتب وإلا فإنه من المحتمل ألا يجد نفسه بين السطور..
الرواية أيضاً بها مقاطع آخذة وتحتاج إلى أن يأخذ القارىء قسطاً من التأمل بعد كل فصل لأنه سيكتشف مالم يكتشفه في قراءة الوهلة الأولى..
في النهاية هي تجربة مختلفة بكل المقاييس