- يا إلهي! إنني خائفة، ماذا لو تبقى معي الليلة؟
- أنظمة المستشفى لا تسمح، لكنني سأستأذن في البقاء معك لنشاهد لعبة مهمة بكرة القدم، بين المنتخب الإنكليزي والمنتخب الإسباني.. لقد أخبرتني الممرضة عن هذه المباراة، وسيضعون تلفزيونا قرب سريرك... وسنشاهد هذه المباراة الممتعة معا..
صفقت فرحا. كانت ولوعة بالألعاب الرياضية، ولعبة كرة القدم تفتنها، وهو يعرف ذلك، ولهذا سعى بإحضار التلفاز إلى غرفتها، وقد نجح، على هذا النحو، في إزالة أثر المشهد الذي أحزنها وأخافها، وهذا ما طمأنه وبعث السرور في نفسه، فربّت على خدّها، وقبّلها، وقال لها كلمات حلوة، وأعلن أنه سيذهب الآن إلى العشاء، ويعود قبل التاسعة ليلا، لمشاهدة المباراة معها، وأوصاها، ان تتناول وجبة المساء، بعد قليل، بشهية طيبة، لأن الغذاء ضروري لها، وسيسرع بشفائها.
كان جوابها ابتسامة. كانت موافقتها ابتسامة. كانت ابتسامتها تقول كل شيء، وفي التماعة السواد، في عينيها الحوراوين، كانت هذه الابتسامة تتكثف، تضيء، تشع، وعندما تبتسم، وتنفرج شفتاها عن صف من الأسنان البيض، المنتظمة في قوسها الفكي، كان يجد دنيا من الصبا، والبراءة، والوداعة، والحلم الجميل، الذي يعرف أنه حلم غارب، كالشمس الغاربة.
استدار للخروج، لكنه بصعوبة انتزع نفسه من حضور ابتسامتها، ملقيا، وهو يخرج، نظرة على السيدة مارسيل الراقدة الآن في سريرها المحجوب بستارة بيضاء، تنغلق عليها كسياج، يجعلها شبه معزولة عن الغرفة التي ابنته فيها. وحين ألقى نظرة على سرير السيدة مارسيل، تذكرها بقامتها الفارعة، وجسمها المتناسق، ووجهها البيضاوي الموشح بلون خلاسي، أقرب الى البياض، وشعرها الخرنوبي، وكل طلعتها التي تعطي انطباعة عن نبالة أصل، ورقة امرأة ذات ثقافة، طغى عليها خوف مرعب، لكنه إنساني، يترك في النفس أثرا عميقا من الغرابة والمشاركة في الأسى.
حمامة زرقاء في السحب
نبذة عن الرواية
رواية تتألف من 26 فصل ، تتحدث عن قصة الفتاة المريضة "رنا" وعن والدها الذي يسافر بها إلى لندن ليعالجها هناك. كانت رنا تعاني من ورم في النخاع الشوكي ، وفي لندن لم يستطيعوا علاجها بسبب انتشاره الواسع. يدور محور القصة حول معاناة الوالد في إخفاء الحقيقة عن ابنته ، حقيقة إنها مريضة. تتتابع الأحداث في لندن بالمستشفى.. لقاء جهاد بمرأة وزوجها المريض.. لقاء جهاد ب"ليديا" ووالدتها المريضة بالسرطان.. ثم تأتي النهاية برجوع جهاد إلى بلده سوريا.. وتبقى حقيقة المرض خافية عن الفتاة ، معلنة أمام الأهل ، حتى تختتم بموت رنا. جرت أحداث الرواية عبر الحوار و السرد ولكن السرد كان الأغلب فيها.التصنيف
عن الطبعة
- نشر سنة 1995
- 368 صفحة
- دار الآداب
تحميل وقراءة الرواية على تطبيق أبجد
أبلغوني عند توفره
42 مشاركة