نحن بلا شك حصاد تجارب والآم الآخرين.
*****
قد يبدو من النظرة الأولى للغلاف أن العمل يتناول قصة حياة المغنية المصرية الإيطالية داليدا، ولكن الأمر أبعد من ذلك بكثير.
فكم من داليدا آلمها إيذاء الآخرين، خاصة وإن انتموا للدائرة المقربة التي لا تنتظر منها سوى الحب والدعم.
داليدا، كاتبة شابة في مستهل سيرتها الأدبية، تلقى مصرعها وحيدة لتتجه أصابع الاتهام لدائرتها المقربة، من خلال البحث عن الدوافع أو الأسباب التي قد تدفع أي منهم لارتكاب ذلك الجرم، ولكن...
ليس هناك جاني وليست هناك جريمة. موت داليدا كان نتيجة للكثير من الاحباطات، كان نتيجة تداعيات علاقاتها الإنسانية البائسة.
داليدا كانت ضحية تاريخ وطفولة كل شخصية مرت بحياتها، الأمر الذي اهتمت الكاتبة كثيرا بتناوله، لتلقي الضوء لا على الجريمة، بل على الصورة التي أصبح عليها هذا الشخص، فكانت النتيجة، هذا الكم من الغدر والكراهية والاحباط الذي أودي بحياة بطلة العمل بالنهاية.
حياة داليدا لا تختلف عن مآس كثيرة نشاهدها ونستمع إليها كل يوم، ولكننا عادة لا نفكر فيما يكمن دائما خلف المأساة، وذلك من أكثر ما أحببت في هذا العمل. عمق تناول الجانب الإنساني لكل شخصية مهما بدت مذنبة أو سيئة.
ولكنها السمة الأوضح والأجمل في كتابات ندي أشرف رمزي، بشكل عام، لتشعرك أن الكاتب لا ينفصل أبدا عن الواقع، بل يتغلغل فيه فيلمس بكلماته ووصفه وأفكاره حياة كل قارئ من قريب أو بعيد.
وبما أنها ليست القراءة الأولى لأعمال ندى، وبما أننى سعدت بقراءة كافة أعمالها، فلابد من التصريح بحجم التطور الذي شهده أسلوبها ولغتها وحتى جرأتها في تناول الكثير من الأمور، مع الحفاظ علي الجانب المحبب لنفسي، الجانب الإنساني، الذى يؤكد أننا في النهاية صنيعة الآخرين وأننا ردود أفعال لا أكثر.
الأمر كل الأمر، أننا بكل ما نحمله من عقد ورواسب، لا نكتفي ب إيذاء أنفسنا بل لابد وأن يمتد الأذى للآخرين.
ف مأساة داليدا، كمنت في حجم مآسي من حولها.
عمل إنساني، نفسي واجتماعي غاية في الجمال، يؤكد تطور كاتبته ويلقى الضوء على الكثير من النماذج البشرية التي تعيش بيننا.
ف مأساة داليدا لا تختلف عن مأساة داليدا المغنية وغيرهن، ف كل داليدا لابد وأن لاقت مايستحق أن يحول حياتها إلى قصة للعبرة والتأمل