بداية معرفتي بالكاتب التركي "عزيز نيسين" كانت من خلال "بلال فضل" أحد كتابي المُفضلين وإشارته للكاتب بأنه واحد من كتابه المفضلين، ومن كلام بلال عنه أحببت الكاتب واقتنيت بعض كتبه، ولكن أول قراءة له جاءت في هذا الكتاب الذي يعد بمثابة بعض السيرة مع أدب الرحلات، فمن خلال تجربته يحكي الكاتب عن زيارته لمصر والعراق في الستينيات والسبعينيات، وكما عرفت عن "عزيز نيسين" بأنه كاتب ساخر من الدرجة الأولى، فقد كتب ملاحظاته بسخرية وذكاء، والأهم من ذلك أنه استطاع أن ينقل روح البلدين في وقت الزيارة، فكانت نظرته ثاقبة إلى درجة الوصول إلى روح البلد، والحديث بدون محاباة وبشكل موضوعي عن البلدين إلا في جزء واحد فقط، عندما كان يتقاطع تاريخ البلدين مع بلده تركيا، فكنت أشعر أنه يخلع رداء الموضوعية قليلاً، ويأخذ صف بلده، وذلك لم يزعجني فقد كان الحد الأدنى من الذاتية، ناهيك عن أنه لا يرى بلده جنة، وكثيراً ما هاجم سياسات بلده، فالشيء بالشيء يُذكر.
أحببت الجزء الخاص بالعراق فقد انغمس الكاتب في مشاكل البلد، وحديثه عن التركمان وعلاقتهم بتركيا ووجودهم في العراق وما يحدث لهم، ولكني تأثرت بشكل أكبر من الجزء الخاص بمصر بطبيعة الحال، فقد وجدت فيه ما يجعلني أبكي على الأطلال، التي هُدمت وبُني مكانها بُرجاً شاهق أو كوبري لا نهاية له، بالإضافة إلى أنه قد نقل لي الحالة في فترة زمنية لم أقرأ عنها كثيراً، ومن وجهة نظر مختلفة، لا تهتم بمطامع أو مناصب، فهو يُدون وفقاً لما يراه وليس وفقاً لما يطمح أو يطمع إليه.
ختاماً..
كتاب لطيف ومُمتع، أعجبني سلاسة السرد والسخرية الخاصة بعزيز نيسين، الذي سأكرر القراءة له مرات أخرى.