منحنا الكاتب رامي حمدي رواية "فيليا"، رواية سينمائية، انتابني الفضول لماذا هي رواية سينمائية، وما معنى ذلك، قرأت تنويه الاستهلال ورسالة ما قبل البداية، أثق في إبداع صاحب "مختصر جمال العالم"، لذا جلست في صالة العرض وبدأت القراءة.
رأينا الكاميرا تدور وسمعنا صوت الموسيقى ينساب، الأضواء تُسلط على شخصيات الرواية، والحوارات تجري على ألسنتهم، والأحداث تقع في حيواتهم، والمشاعر تتسرب من بين ثنايا الرواية.
رسم رامي حمدي خمس دوائر رئيسية، دوائر علا وملك ولميس وداليا وعتاب، رأينا بداخلها كل من معهم من شخصيات، ورسم خطاً رأسياً لتاتانيا، وخطاً أفقياً لرامز أيمن، ذلك الهائم بين تلك الدوائر.
كانت "علا" هي الملل وهي ذنبه الذي سيقتصه شخص ما، وكانت "ملك" هي الرفض وهي من سببت له الانكسار، وكانت "لميس" هي الانسحاب وهي التي أشعلت جسده وانسحبت تاركه له الرماد، وكانت "داليا" هي الفشل وهي التي لم تملأ الخواء الذي بداخله.
❞ أتعلمين؟ أعتقد أن الحب دوائر تدور بنا بين جارح ومجروح، دائرة من القصاص العادل من الله، ولهذا نكون أحيانًا بين أقدام آخرين تألموا في السابق، فأصبحوا في متاهة البحث عن حقيقة مشاعرهم، أو أن نأخذ آخرين بين أقدامنا في متاهة روحنا المظلمة، فنبدأ دائرة جديدة من الألم الذي ينتقل مكملًا هذه السلسلة التعيسة، حتى توقفها إيــروس. ❝
طرح رامي حمدي سؤال الحب بكل أنواعه، الإيروس والفيليا والأغابي، وترك بطله حائراً، يبحث عن صورة الحب التي يرتضيها، تقاطعت الدوائر الخمسة، وشهدنا كيف صارت الأحداث عند نقاط التقاطع.
في دائرة علا وجدنا الفتاة الخام والعلاقة البسيطة والملل، وعرفنا أمها وصديقتها إيمان، وزوج أختها، وشهدنا البطاقة الصغيرة.
في دائرة ملك وجدنا الفتاة الذكية المغرورة، والرفض وعرفنا أباها، وشهدنا المظروف الأبيض.
في دائرة لميس وجدنا الفتاة المتحررة وشهدنا الانسحاب الذي حدث، وعرفنا أخاها حسين، وأدركنا الاستغلال.
في دائرة داليا وجدنا الفتاة غير الواثقة من نفسها وأدركنا أسباب الهجر، وعرفنا أمها ومنة والشيخة عفاف، وشهدنا الفشل.
في دائرة عتاب وجدنا المرأة المحاربة والمرض القاسي، وعرفنا شادي والخذلان، وشهدنا الهاشتاجات المتناثرة لبرنامج حكاوينا وأثير النشمي وطنطاوية أولاين وغيرها.
وفي خط تاتانيا وجدنا شكلًا مختلفاً للمرأة، وعرفنا ڤيكتور وستيبان، وشهدنا أوقات دبي.
تداخلت الدوائر عند ملك ولميس في ثنائية الرومانسية والمتعة الجسدية، وعند ملك وعلا في ثنائية المظروف والبطاقة الصغيرة، وعند لقاءات علا وإيمان وملك ولميس، وعند اتصال علا ببرنامج عتاب، وعند تمام فشل داليا.
التقط رامي حمدي حفنة من المشاعر المتنوعة من بين ضلوع شخصيات روايته، ثم نثرها فوق الصفحات، لاحقتنا الأسئلة التي حملتها عناوين الفصول، حاولنا أن نبحث لها عن إجابات، كانت علامات الاستفهام تطاردنا حتى في العبارات التي هي ليست جملاً استفهامية، جلسنا نتابع الدوائر الخمسة وهي تتشبع بتلك المشاعر المنثورة والمختلطة.
قفز رامز فوق كل الدوائر والخطوط، فوق الملل والرفض والانسحاب والفشل، هزته قنبلة طنطا، ثم تمضي الأحداث إلى منتهاها، بعد أن يمسك بأنوع الحب الثلاثة، الإيروس والفيليا والأغابي.
في النهاية نعثر على زجاجة بها ثلاث رسائل كاشفة، نقرأها، رسالة من تاتانيا إلى ڤيكتور ورسالة من رمزي إلى لميس ورسالة من عتاب إلى شادي، رسائل تمنحنا إجابات عن أسئلة كثيرة كانت تشغلنا طوال الوقت عن تلك الأنواع من الحب، هكذا كان مشهد النهاية، ثم سكتت الموسيقى وأُضيئت صالة العرض وانتهت الرواية، بعد أن أدركنا أنه "بالحب تكتمل الأشياء".
إذا كان (رمزي) قد منح رواية (رامز أيمن) العنوان "إيروس"، فإن (رامي) قد منح روايته العنوان "فيليا"، فتُرى عزيزي القارئ / عزيزتي القارئة مع أي منهما أنت، رمزي أم رامي، أم أنه لا بأس من الإثنين معاً.