قرأت لضياء جبيلي مرتين من قبل لم تخلو الدهشة منهما، ولكن، في التجربة الثالثة بعنوان "لا طواحين هواء في البصرة" وهي عبارة عن مجموعة قصصية تتكون من 76 قصة/أقصوصة قصيرة كانت الدهشة حاضرة، وبأكبر قدر ممكن من سابقتيها.
وبسبب عوامل عديدة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، أن المجموعة القصصية ممتعة في أغلب أوقاتها، ساخرة، حانقة، ومرحة، متشككة، ومتيقنة، كافرة، ومؤمنة، تُحب الحياة، وتقدس الموت، مجموعة قصصية تضم بين دفتيها قصص عن الحروب والحب والنساء والأطفال ولن تشعر بتنافر بينهما، الانتقال بين كل قصة وأخرى وبين كل موضوع وأخر كان سلساً ويسيراً، أحياناً كانت تطول القصص لبضع صفحات، ربما أكبر قصة كانت "الدارويني"، وأحياناً كانت تقصر إلى أقل من نصف صفحة، وتزال قصص فعالة ومكتملة، وتندمج فيها برغم قصرها، بعض القصص كنت أقرأها مرة أخرى، ليس لأنني لم أفهمها، بل لتذوق جمالها مرة أخرى.
هذه التجربة الثالثة لضياء جبيلي، وهي التجربة التي ستجعلني أبحث عن كل أعماله بشغف أكبر وباهتمام أوسع، فهو كاتب يجيد ما يفعله بكل تأكيد، فكيف تكتب مجموعة قصصية من 76 قصة/أقصوصة، وتكون بهذا الجمال والروعة والدهشة؟ هذا سؤال لا يملك إجابته غير الكاتب وحده.
بكل تأكيد، واحدة من أجمل المجموعات القصصية التي قرأتها.