اقتباسات كلثوم عبد الصمد علي

بلْ المؤلِّـم حقًّا أنْ نُعطيهم أمورًا تعلقت بها أرواحُنا بثغرٍ مبتسم وقلب يدمع، بخواطر مكسورة وحسرة تُهشم ما بداخلنا، أن نضع قطعًا من حياتنا اعتدنا عليها وأحببناها بين أيديهم المسمومة، حتى نبقى تحت رحمتهم، ويبقون هم فوق أحزاننا يسعدون.

رغم نقصانهم؛

‫إلَّا أننا لا نرى تمامنا إلَّا بهم.

رَغم أنَّ وقوعنا في الحب مؤلِم؛

‫إلَّا أنَّ نهوضنا منه أشد ألـمًا.

فسحقًا لهذا الكبرياء الذي يسلب الكثير من اللحظات من حياتنا ونحن ننتظر

رغم مغادرتهم؛

‫تبقى حياتنا خاوية منهم، ونبقى نحن ممتلئين بهم.

رغم أنَّه يجب علينا وضع نقطة

‫بَعد بعض الأمور؛

‫إلا أننا نستمرُ في وضعِ الفَاصِلات.

رغم انحناء مشاعرنا بعد رحيلهم؛

‫إلا أنَّه قوة لقلوبنا؛ كي تستقيم.

‫رغم ابتعادهم؛

‫نزداد تعلقًا بهم.

رَغم المسافات؛

‫هناك عِناق في الأحاديث.

رَغم انكسار أجنحتنا؛

‫سَنُحلقُ بَعيدًا.

رغم وجود الاكتفاء؛

‫هناك ما لا نكتفي به.

رَغم غَرقنا فيهم؛

‫نجدُ قاربَ النَّجاةِ، ونتجاهَله.

رغم أنَّ الحياة تسرقُ أيامًا من حياتنا؛

‫إلا أننا نحتفل بهذه السرقة كل عام.

رغم غفوة الأوجاع؛

‫إلَّا أنَّ سباتها لا يطول.

‫ ليس كل تركٍ استسلام، وليس كل رحيل ضعف، فهناك مواجهة في التخلي عن بعض الأشياء وهناك شيء من القوة في الغياب، فإن كان تمسكنا بأشيائنا الثمينة سيطفئ بريقها وينقص من كمالها هنا يتوجب علينا الاستغناء عنها، وإن كان تشبثنا بأملاكنا الغالية سيغرب شمس سمائها ويطفئ توهج سعادتها يجزم علينا مغادرتها، وإن خلقت منا وخلقنا لها فالهجر أحيانًا رحمة لأنفسنا حتى لا تذبل، ولكن علينا أن نكون أوفياء لهذا الرحيل دون عودة.

رغم ترتيب ما بداخلي؛ ‫إلا أنَّ عينيه وحدهما هما القادرتين على إثارة الفوضى به ‫ نضع حدودًا لكل علاقة نخوضها، نجعل هذه الحدود كالأسوار من حولنا، نحمي بها ذواتنا منهم، ونحميهم منا، نضعها حتى تبقى ضمانًا لمشاعرنا، حتى لا نندفع لهم بكل ما نملك ونكسر، وكي لا يأتونا بكل ما فيهم ونجهل نحن التصرف مع هذا حتى تكون هذه الحدود حماية لقلوبنا، ولأرواحنا، حتى نحافظ على هذه العلاقات ولكي تبقى وتدوم، ولكن يأتي هَذا ما يسمى بالحب، فنراها تتلاشى هذه الحواجز شيئًا فشيء، بدون إرادتنا، فيمتعنا تعديها بهدوء، ولا ننتبه لذواتنا وحتى إن فعلنا تجاهلنا هذا، ونمضي في إزالة هذه

رغم أن بعض الأشياء تأتي صدفة؛

‫إلا أنها أجمل مِن أيِّ اختيار.

‫ نحن لا نصمت؛ بلْ هي فقط الحروف لا تستطيع أن تخرج من ثغورنا، هي ألسنتنا تتثاقل بالحديث حينها، وكلامنا يبقى راكدًا بين أضلعنا، هكذا الأمر يغلفه الصمت ولكننا لا نفعل، نحن نتكلم بأدمعنا، ملامحنا تصرخ وأرواحنا الذابلة تستنجد، فنبقى دون صوت ويظن من حولنا أننا في صمت، وننتظر هؤلاء مَن ينتبهون إلى أصوات أعماقنا، مَن يستمعون إلى الضجيج الذي بداخلنا، مَن يستجيبون لنداءات بكائنا، ونحن نبقى منتظرين.

رغم أنَّه يجب علينا وضع نقطة

‫بَعد بعض الأمور؛

‫إلا أننا نستمرُ في وضعِ الفَاصِلات.

‫رغم أننا من بنينا للحب

‫هذه الشخصية؛

‫إلَّا أنَّه لا يكسر بقوة شخصًا، سوانا.

‫ نٌقمَع، ونجعل الأقدار تتحدث فقط، تفعل ما تشاء، وما يحلو لها، ونحن فقط نراقبها وهي تتسلى بنا، وتحاول أن توجعنا فتجدنا نبتسم، فنثير غضبها بابتساماتنا فتحاول مرة أخرى أن تكسرنا، فترانا نبتسم، يهيجها برودنا، فتبدأ بإشعال نيرانها أمامنا لتحرقَ قلوبنا، فتلتفت إلينا وتشاهدنا نبتسم؛ حينها تتمادى وتقترب من الأحبة فتأخذهم، وفي هذه اللحظة نحن مَن نلتفت لنراها تبتسم، فهي تعلم أننا أقوياء لا نُهزم، لا ننكسر، لا نذبل إلَّا عند الفقد، فالاشتياق قاتل ونحن ضحاياه، لا يزهق أرواحنا بلْ يجعلها تموت وهي على ق

هناك مشاعر نجهل مصدرها، ولا ندرك كيف وصلت إلى داخلنا لتنعش أمورًا لم يكن لها وجود من قَبل، نحاول تجاهلها، ونسعى لأن نجعلها أمورًا تافهة لا أصل لها، ولكنها قوية ولها تأثير قوي في تبعثرنا وكركبة ما بداخلنا، عنيدة ولحوحة، تجرنا إليها بكلِّ لطافة، لنتبعها بكلِّ سذاجة، وحينما يحصل هذا، ونعترف بها أمام أنفسنا الضعيفة، تبدأ هي في توجيه صفعاتها القاسية، واحدة تلو الأخرى، لا تتركنا حتى ترى بأننا صرنا بقايا لعنفوانها الذي مارسته على أحاسيسنا الهشة، والغريب في هذا هو أننا نبقى خاضعين وراضيين بما يبدر منها؛ لأننا وقعنا فيها بكامل قوانا، ولم تعد لدينا القوة بعد الآن على

لم تُخلق الحياة كما نرغب أن تكون، ولم نُخلق فيها كي تحتضننا وتلبي لنا ما نريد، فهي تنتظرنا نبتسم حتى تبكينا، نفرح حتى ترمي أمامنا ما يُتعسنا، نصلُ فنراها تُرجعنا إلى حيث بدأنا، تضعنا في دوائر لا ننتمي إليها وتجبرنا أن نتعايش فيها، وكلما رأينا أننا نبلغ النهايات جعلتنا نرى المسافات تطول أكثر، ولكن هناك حياة أخرى نستطيع أن نُخرجها مِن هذه الحياة، نقوى لأن نجعلها قريبة لما نريد ونرغب، صغيرة جدًّا تكفي أرواحنا الصغيرة وحاجاتنا البسيطة، حتى نبتسم بها رغم ذبول ملامحنا، نجبر معها خواطرنا المكسورة، نختبئ في تفاصيلها عن الحقيقة ونمضي بخيالها نمرح.