اقتباسات محمد جاب الله

الموتُ بداية الحقيقة واليقين ‫ .

ومعي أنا فقط يكون السؤالُ كيف ماتوا. لا كيف عاشوا ‫ وعندما تختلطُ الأمور، وتضطرب الرؤى، وتُحيط الشكوك بي من كلّ جانب، وتتعدد الآراء ‫ أتحدّث إليهم هُم، هم وحدهم سيأخذونَ بيدي نحو الحقيقة، وأنا أثق برأيهم.

لا يوجد ميّت مبتسم، تلك الابتسامة نتيجة انكماش عضلاتِ الوجه بعد الوفاة، لا أكثر ولا أقلّ، فلا يوجد ما يدْعو للابتسام عندَ الموت ومفارقة الأحباب والتوجّه إلى العالم الآخر مِن أجل تلقي الحساب العادل أمام الله.

وجوه الموتى البيضاء لا تعني أنّهم راضون عن حالهم، أو أنّ خاتمتهم جيدة، وجوهُهم بيضاء لأنّها شاحبة؛ لأنّه لا دماء تجري فيها بعد الآن، فرجاءً توقّفوا عن قول (وجهه كان منيرًا كالقمر عند وفاته).

أمّا الخبرُ الوحيد الذي ربما يبدو سعيدًا، وسيأتيك عبرَ هاتفك فسيكون (مبروك يا دكتور.. ورق التقاعد بتاعك خِلص)

فالأسطورة تقول (قال يا قاعدين يكفيكوا شَرّ الجايين)!

الجميعُ دائمًا يشاهد الإنجازَ ويحسدك على النجاح، ويتمنى أن يكون مكانك، ولكن لا أحدَ يعلم ماذا بذلت في تحقيق هذا النَّجاح، وما الذي عانيته في كلِّ خطوة، ولا أحد بالطبع يرغبُ في دفع الثمن الذي دفعته أنت مِن وقتك وصحتك وأموالك وأعصابك من أجل تحقيق هذا النجاح!

وما تستناش لغاية لما الشيطان يلعب بدماغك.

‫ ضحكتُ وقلت: لا متقلقيش إن شاء الله، أنا لما بتضايق بستعيذ بالله من الشيطان على طول

في ثلاجةِ الموتى، يتجمد كلُّ شيء حتى الزمن.. فما إن تدخلها حتى يتوقف إحساسُك بالزمن ولا تعرف كم لَبِثت فيها إلا حين تخرج.

ولكن للأسف لا يمكنني إغلاقُ أذني حتى لا أسمع صوتَ فرقعة انكسار عنقه بفعل الشنق.

من الصَّعب أن تشاهد شخصًا على قيد الحياة، ثمَّ في اللحظة التالية تشاهدُه وهو يموت، ثم تلمسُه وتفحصه للتأكد من أنه قد فارقَ الحياة!

كان عددُ القضايا ونوعياتُها يعطي انعكاسًا لحال المجتمع، ومقدارِ التدهور الاجتماعي والأخلاقي الذي أصابه، وكانت القضايا تعطي جرسَ إنذار إلى أنَّ هناك غيابًا كاملًا لدور الأسْرة، سواء في التربية أو حتى في محاولة حلِّ المشاكل قبل أن تتفاقم.

معرفة الحقيقة في بعض الأحيان قد تكون مؤلمةً ومُفزعة أكثر من الجهل بالحقيقة

حسِّن خطَّك. المذاكرة مبتخلصش. الراجل زيِّ الست في خدمة بيته ومايبقاش عالة. لا إله إلا الله محمد رسول الله. كلمات قليلة أتذكرُها قد قالها لي طوالَ حياتي إلا إنَّها كفيلة بصنع شخصية وإنسان، ولا عجبَ أن تتناقل وسائلُ الإعلام خبر رحيله.

اعتاد أن يكون وجيهًا في الشكل. مهابًا في الحضور. شامخًا في الوقوف. وسخيًّا في العلم يضع رأسَه على الطاولة ويبدو أنه قد حانَ أن ينصرفَ هذه المرَّة، وبينما ينصرف الآخرون لمنازلهم يفضل هو الانصرافَ إلى خالقه من فصل المدرسة .

نعم، بإذن الله هناك أجزاءٌ أخرى إن قدَّر الله لي البقاءَ في هذه المهنة الكئيبة التراجيدية المسماة بـ (طبيب شرعي).

‫ فطالما مازال هناك بشرٌ يخطئون ولم يتحوَّلوا إلى ملائكة؛ فستكون هناك الكثير من الآثام والخطايا لاقترافها.

بعد ١٣ عامًا من العمل كطبيبٍ شرعي، رأيت فيهم مِن الجرائم ما يشيبُ له الولدان، أعترفُ أنّ حصيلتي المعرفية والنفسية شديدةُ السواد والسوء، ولكنْ ربّما كان هناك ما قد ينفعكم في هذه الحصيلة ‫ مش بسّ الفقر كان سبب في بعض الجرائم.

هذه هي أول سلسلة قصصية من تأليفه.

‫ • ⁠معلومات التواصل:

‪ Email:Drgaba97@****

⁠د/ محمد جاب الله– استشاري الطب الشرعي والسموم الإكلينيكية ‫ • ⁠حاصل على درجة الدكتوراه في الطب الشرعي من جامعة (ناجويا سيتي) في اليابان ‫ • ⁠يعمل كطبيب شرعي منذ ١٣ عامًا في كلّ من مصر واليابان والمملكة العربية السعودية ✔

كلّنا (عافانا الله وإياكم) عُرضة لأنْ نكون مجرمين أو ضحايا يتمّ ذكرهم ليل نهار في الأخبار، ولكنّه سترُ الله ولطفه بنا فقط مَن يمنع عنا هذا.

معرفة الحقيقة في بعض الأحيان قد تكون مؤلمةً ومُفزعة أكثر من الجهل بالحقيقة