اقتباسات علاء عمر

تلك دومًا نقطة في صالحنا زيادة على الاستشاريين في أوروبا وأمريكا.. أننا متمرسون جدًّا في الكشف الإكلينيكي عنهم.. ربما لأن هذا ما كان متاحًا أمامنا فقط فبرعنا فيه بشدة..

وجدت مستشفًى كبيرًا لكن بتجهيزات قليلة شأن كل الوطن العربي في ذلك الزمان، كان الاستشاري شخصًا أوروبيًّا، والطبيب المشرف طبيبًا مصريًّا اسمه عبد العزيز الفرماوي، وجدت عند مناظرة المريض أن الاستشاري الأوروبي قد أخطأ التشخيص الذي بُلِّغ له تليفونيًّا.

أسعد ذكرياتي هي تلك التي أجد نفسي فيها أجلس إلى جواره أقرأ لأبي صحيفة المصري، لسان حزب الوفد، قبل أن ينزل لعمله.

علي باشا مبارك أول من تعلم في محافظة الدقهلية، مسقط رأسنا، وبدأت البلاد هناك تتأثر بتلك التجربة الجديدة لأولادها بغية حصولهم على تعليم جامعي شديد الندرة وقتها، في بلدة أبي، كفر أبوذكري، أرسلته عائلتي لينهي تعليمه الجامعي، فتخرج في كلية دار العلوم.

كنا أول مكان في مصر وربما بلاد العرب والشرق الأوسط يُـجري توسيعًا للصمام الأورطى، ثم توسيعًا لضيق الشريان الأورطى..

كنت أقرأ أحيانًا اتقاء لهجماته المرتدة التي تحمل وتيرة ربما أسرع وأخطر من انطلاقات محمد صلاح الآن..

‫ أحببت محمد الجندي..

‫ لطالما فعلت..

فعلها سابقًا محمود خيري في رسالة دكتوراه طبيب شاب غيَّر لاحقًا تخصص الرعاية المركزة في مصر اسمه شريف مختار..

‫ كان هذا الجيل من الأساتذة العظام يحمل حبًّا عميقًا لتلك البلاد ورغبة حقيقية في المساعدة والتطوير ونقل العلم لمصر وأهلها..

‫ لم أكن وحيدًا في تلك الرحلة. ‫ شاركني فيها أصدقاء وإخوة وأبناء كثر. ‫ لعل أحد أقربهم لقلبي الدكتور محمد الجندي. ‫ الذي ساعدني على تنمية قدرة القراءة والمعرفة المستمرة. ‫ كان محمد الجندي قارئًا نهمًا. مذهلًا. ‫

كنا نعقد مؤتمرًا سنويًّا لعرض نتائج المركز وما ساعد في إحرازه، وكيف أسهم في نقل التكنولوجيا بالفعل، وكيف ظهرت مراكز كثيرة تحمل ذات الفكرة تأثرًا به في مختلف ربوع مصر. ‫ في التقرير النهائي، ذكر الأمريكان أن هذا أفضل مشروع تم خارج أمريكا وكان جلال السعيد سببًا رئيسيًا له...

مع الوقت حصل أبوبكر يوسف على الدكتوراه من قسم الأشعة في قصر العيني، إضافة إلى الدكتوراه الحاصل عليها من كلية الهندسة بجامعة القاهرة..

‫ كان أبو بكر يوسف عبقريًّا بحق..

الدكتور يحيى سعد أحد أفضل أطباء القلب في تاريخ مصر، وكذلك شخصية من أفضل الشخصيات التي تعاملت معها طوال حياتي..

الدكتور إبراهيم بدران، وهو الأب الأخير في رحلة الحياة، قابلني وكان نائب رئيس جامعة القاهرة، طلب مني أن أقدم دراسة له بمشروع بحثي متطور ليخاطب السلطات العلمية في أمريكا ليحصل لي على منحة. واتتني فكرة البحث في موضوع أجهزة الموجات فوق الصوتية للقلب أو المعروف بالإيكو ولم يكن الجهاز معروفًا في مصر بعد..

أحمد الله دومًا أنني عشت تلك اللحظات في مصر، لقد عشت أيامًا لا تنسى من تاريخ مصر الحديث، شعرت وقتها مع باقي الناس بشعور الخلاص؛ الخلاص من جرم لم نرتكبه، التطهر من خطيئة لم نقترفها، لكننا مجملًا شعرنا بالسعادة والفرح بعد سنوات من الانكسار والإذلال...

في يوم من أيام شهر يوليوعام 1973، حيث لا جديد يذكر ولا قديم يعاد في بر مصر، هبطت طائرتي في مطار القاهرة..

‫ عدت برفقة عبلة والأولاد إلى مصر..

‫ اختبرت لحظتها مشاعر عجيبة متداخلة، لا تقوى الكلمات على وصفها..

استقراري في أمريكا وتحولي لمواطن أمريكي يحمل الجنسية وإن كان سيكسبني بعدًا علميًّا وماديًّا لا يخطر على بال، فإنه سيكلفني أشياء في عمق حياتي ما كنت قادرًا على تحمل أو دفع كلفتها.

بين استكمال الحلم العظيم في أمريكا التي تشهد أمراض القلب بها طفرة كبرى في العلاج وبين العودة إلى مصر التي تمارس نوعًا بدائيًّا جدًّا وقتها في تخصص أمراض القلب. ‫ كانت المقارنة العلمية صعبة بالنسبة لي. ‫ ولكن كان الاختيار سهلًا ، اخترت مصر.

تجد اسمي موجودًا على الكثير من الأوراق البحثية المؤثرة خاصة في اختلال ضربات القلب بعد عملية شهيرة اسمها «ماسترد» على اسم مخترعها تستخدم لمعالجة عيب خلقي معقد في قلوب الأطفال. ‫ وقد قام السير مجدي يعقوب بتعديل تلك الجراحة بناء على ما ذكرته في ورقتي البحثية.

ذات يوم سألني دنتون كولي: أين تعلمت يا جلال؟ أجبته بأنني نلت تعليمي بأكمله في مصر، نظر نحوي في دهشة كبيرة، ثم قال لي بوجه يبتسم: أنت تكذب يا جلال، هذا تعليم إنجلترا..

تعلمت من العمل معه أمراض القلب في الأطفال، كنا نناقش مع الدكتور ماكنامارا أشد أنواع الحالات تعقيدًا ونصل لتشخيص نناقشه مع البروفيسور دنتون كولي ونرسم التفاصيل الدقيقة للجراحة المطلوبة معه؛ لذلك صرت مع الوقت متعمقًا وخبيرًا في أشد أمراض قلب الأطفال صعوبة

ما ألطف تفاصيل الرحلة!!

‫ أتذكر مقابلتي السابقة مع الدكتور سامح همام أستاذ جراحة الأوعية الدموية الأشهر الذي أدخل التخصص إلى مصر.