اقتباسات رحاب خالد

ليلتها رأت فيها أم كلثوم نفسها عندما كانت صبية صغيرة تتنقل بين القرى، مع والدها الشيخ إبراهيم وشقيقها خالد وابن عمها صابر، تنشد معهم التواشيح الدينية في الموالد والأعياد، مقابل قروش قليلة.

دُعيت للغناء أمام الملك فاروق في حفلة مبرة الأميرة فريال بنادي الصيد الملكي، الأربعاء 4 يونيو، كتب لها بيرم التونسي أغنية جديدة، خصيصًا لهذه المناسبة، واسمها «ورد فريال» ولكن الملك لم يكتفِ بهذه الأغنية، وأمر مستشاره الإعلامي، كريم بك ثابت، أن يستدعي نجاة.

وفي فرح أحد العُمَد الأثرياء، كان معها مطرب قصير القامة، وبدأ يغني: ‫ يا حبيبي يا اللي فايتني دا الليل عليَّ طويل ‫ فصاح العمدة ساخرًا: ‫ • دا أنت اللي قصير على الليل يا أستاذ! ‫ وضحك المدعوون، وغضب المطرب.

وفي العيد تُحيي خمسة أفراح في الليلة، إلى جانب وصلتين بالتياترو مع الفرقة وقد تعلق بها زملاؤها جميعًا، فلم يكن عاديًّا أن يجدوا بينهم طفلة ذكية جميلة، تجري وتقفز، وتتحدث ببساطة، وتضحك ملء فمها وقلبها وقد بلغ من تقديرهم لها أنهم كانوا يقدمون لها تحيات الإعجاب كالجمهور.

وعلى الرغم من أن المعجزات لا تتكرر، فإن نجاة كانت هي المعجزة الوحيدة التي تتكرر يوميًّا كلما وقفت تغني وقد نجحت في أن تشد الناس إلى مقاعدهم حتى آخر فقرة من كل حفلة، ليشاهدوا الطفلة العجيبة التي تقلد أم كلثوم .وهكذا تصير نجاة الصغيرة حديث المصيفين في الإسكندرية. ولأنها صغيرة يسمونها نجاة الصغير.

فرقة« كواكب السينما والمسرح» بالإسكندرية مقابل خمسة جنيهات للحفلة الواحدة ولم يوافق الأب إلا بعد إلحاح من نجاة أيضًا، وبعدما كانت قد تأخرت بالفعل عن موعد الافتتاح وفي صباح يوم الاثنين 5 أغسطس 1946، تأخذ نجاة مكانها في عربة «البولمان» بالقطار المتجه إلى الإسكندرية، وبجوارها والدها.

الشيخ الذي أتى به والدها، فكان قد أخذ الفن عن الممارسة بعدما هجر الأزهر في شبابه، وهو يدربها الآن على أداء التواشيح والأدوار والمونولوجات، ويساعدها كذلك على ضبط مخارج الحروف، فيلقنها آيات من القرآن الكريم ويقول لها: ‫ • إن تلاوة القرآن الكريم تقوم اللسان وتقوي الروح✅✅✔🌠

وتصفق نجاة في حماس عندما ينطق مذيع الراديو أسماء أشقائها، مساء السبت 19 سبتمبر 1942، ثم ينتهي الفاصل الموسيقي الذي قدمه ثلاثتهم فتروح تصفق لهم مع جمهور الحاضرين وكأنها بينهم ‫ ثم يحين موعد حفلتها المنتظرة، فتحضر إلى المعهد مبكرًا .

كان لا يزال في السابعة من عمره، يتلقى مبادئ القراءة والكتابة في منزل أسرته بمدينة دمشق التي ولد بها عام 1894، وكان والده، محمد بن أمين، أحد أفراد عائلة البابا العريقة ببلاد الشام، يشتغل بالحياكة والتطريز.