اقتباسات ولاء كمال

من هو جيلنا؟ ذلك الجيل الذي صنع الثورة ما ملامحه؟ إحباطاته؟ شخصيته؟ ما الشخصية المصرية الحالية، تلك التي تصل إلى مشارف النضج في أوائل القرن الجديد؟ ولماذا انمحت من ذاكرتها كل الدلالات والمشاعر القوية التي صاحبت هذا الحدث العظيم الذي

كل فضاء تطوف به الموسيقى ،

‫لايعرف الحزن إليه طريقا

❞ وكانت تلك بداية صداقة مديدة تنامت وتعمقت ما بين كوش وجيران الدكتور حلمي طوال ما بقي من سنوات الحرب. ❝

إدراك أن الحياة مهما حملت بين طياتها من سعادة فإنها تحمل مفاجآت مؤلمة ولا تزال المفاجأة التي تتكرر كل مرةٍ في حياة كوش القصيرة هي رحيل من يحب أمه وطه وأجاثا وستفنز بعضهم بالموت والآخر بالاختفاء والثالثة بالسفر هل سيظل

«القاهرة يا كوش تنقسم إلى بلدين تلك الأوروبية غرب الترام، حيث يقع فندقك وقصر عابدين والأحياء الفخمة التي تحيطه، بشوارعها النظيفة والحناطير والمارة ذوو الملابس الفاخرة، والقاهرة الشرقية التي أسكن بحاراتها ودروبها الضيقة كلتا القاهرتين تندمجان معًا لتنتجا روحًا متفردة

«هذا الذي يحرم الآخرين من الحرية لا يستحقها لنفسه». قال كوش بهدوء، وبنفس طريقة تيدي وكأنه يحدث نفسه. التفت روزفلت من النافذة ونظر له مشدوهًا. «لينكولن! بحق الجحيم كيف عرفت بهذا؟»

رحى الزمان تدور ولا ترحم، وكوش بين طياتها يتألق نورًا في أيامٍ ويقترب بخطى ثابتة من الموت والأفول أيامًا أخرى.

⁠‫كان يموت.. كما هو مصير كل شيء..

«هل تعلم يا كوش ما هي آفة الإنسان الكبرى؟»

⁠‫يسأله بعينيه.

⁠‫«إنه الكبرياء النابع عن الجهل وخداع الحياة بما تقدمه من مكاسب».

مرت الأيام الثقيلة وانقضت كما تمر وتنقضي الأيام في جميع الأزمان مهما ثقلت،

فالحياة خُلقت لتعاش وليس لتُفهم

تلك البقعة العجائبية من الدنيا المسماة مصر، أكبر من أن يستوعبها منطقُ الواقع وسؤالُ المعنى ورغبة الفهم.

لم يدرك كوش كو حقًّا إن كانت تلك مجرد متطلبات المهنة، أم أنه حكم أبدي عليه، على العالم الذي أتى منه والبلد الذي ينتمي إليه، أنه يجب أن يكون غير مرئي ولا مسموع غير فاعل بلا عقل ولا طموح. يجهل

❞ رغم أنها تلقت تعليمًا رفيعًا وأبدت قدراتٍ ذهنية هائلة كانت تؤهلها لأن تخدم وطنها بأفضل صورةٍ ممكنة، ولكن كل تلك الطاقات أُهدِرَت لمجرد أنها تنتمي إلى فئةٍ لم يكن مسموحًا لها بأن تكون أكبر مما يسمح لها المجتمع بأن تكونه. ❝

فالحياة خُلقت لتعاش وليس لتُفهم كما قال صديقنا الأسطوري كوش

‫هذا الكتاب يهدف – أيضًا - إلى نقل تجربة كاملة عن فرقة اختارت، أو اختارها القدر وآلاف من معجبين كانوا رغمًا عنهم أو بإرادتهم، صوت ثورتنا ولكن هل كايروكي هي فترة الثورة فقط؟ وماذا عما قبلها، في سنوات التكوين والبحث عن صوت؟ وماذا عما بعدها، بكل ما مرت به مصر من جنون مطلق وفوضى عارمة وتخبط مخيف؟ كيف كانت كايروكي-في كل أغنية وكلمة ولحن وأداء - تعكس ذلك وتسير معه جنبًا إلى جنب؟

إلى أي مدى أضرت بنا ثقافة الاختزال تلك، وصارت انعكاسًا للتسطيح وأخذ الأمور بالظاهر وافتقاد التعمق الحقيقي لفهم الأمور؟ ‫هل تتذكر الTrending هاشتاج الشهر الماضي؟ الأسبوع الماضي؟ الأمس؟ كل لحظة يأتي حدث ليزيح ما قبله، وأصبحنا نعيش في "عصر اللحظة واللقطة" التي سرعان ما تنتهي ليأتي غيرها.. تغير مستمر دون ثابت حقيقي وراسخ.

‫وسط ثقافة الاختزال التي نعيشها الآن، ثقافة الStatus والTweet والهاشتاج، من الغريب أن يصدر كتاب بهذا الحجم، ولكن هذه هي بالضبط فكرتي: أن جيلنا اختار أن يختزل كل شيء في كلمة أو اثنتين، كل إحساس، كل فكرة، كل حدث وكل موقف، ولكن إلى أي مدى يمكن أن تصمد هذه الكلمات؟ وإلى أي مدى أضرت بنا ثقافة الاختزال تلك وصارت انعكاسًا للتسطيح وأخذ الأمور بالظاهر وافتقاد التعمق الحقيقي لفهم الأمور؟

‫مع مطلع كل قرن، ينشغل الباحثون والمؤرخون بالتأريخ للقرن الذي سبقه، وعادةً ما تلقى هذه المهمة على عاتق الجيل الذي عاصر نهايات القرن الماضي وبدايات القرن الجديد (وهو ما يفسر حمى النوستالجيا «الحنين للماضي» التي اجتاحتنا مؤخرًا) في محاولةٍ للتشبث بذكرى أنماط حياة قد مضت وولت.

‫صاحب هاتين الثورتين (التكنولوجية والشعبية) خلال الفترة بينهما تغير هائل في كل شيء تحولات كاملة في كل عنصر من عناصر حياتنا: القيم الأخلاقية، فهمنا ونظرتنا للدين، العمل، الصراع الطبقي، الحراك الاجتماعي والزحف العمراني نحو المدن الجديدة، تطور الريف والصعيد، تقلبات سياسية، أنماط استهلاكية، وطموحات مادية، تأرجح وتغير كبير في الأذواق الفنية، والأهم من كل هذا، النتيجة التي لخصت كل هذه التغييرات: فقدان الهوية.

كان بداخلنا إيمان شديد بأن ما هو آت أفضل.

‫ولكن اليوم…لا شيء. مجرد ذكرى.. بعيدة.. شاحبة.

‫ولكن 25 يناير 2011 ليست مجرد عطلة رسمية، ولا يجب أن تكون.