اقتباسات بهاء الغرايبة

عالم الخيال جميل، إلا أنه مرعب، يجعلك مختلفًا في نظر القريب والبعيد، والأهم في نظر نفسك، أنت تعلم جيّدًا أنك لستَ كغيرك، وتتوق أحيانًا لتعيش حياةً طبيعية، تتمنى معرفة بماذا يشعر الآخرون، وما هي الاستجابة الطبيعية للمواقف المختلفة، إنها الضريبة التي لا بدّ من دفعها، لا شيء بالمجّان، فما بالك بشيءٍ بقيمة الكتابة.

أنتِ واهمة، تظنّين أن بإمكانك التحكّم بالحياة مثلما تفعلين في قصصك، تتخيّلين أن بوسعكِ تسيير شخصيّاتها مثلما تشائين، الحياة ليست قصّة، وأنتِ لستِ إله..

لا يشعر بالراحة في التعامل مع كثيرٍ من العرب، على عكس الأجانب، إنهم يعرفون حدودهم جيّدًا، لا يتدخّلون فيما لا يعنيهم، يحترمونك بصرف النظر عن أيّ اختلافٍ بينك وبينهم، وهي صفاتٌ لا يجدها في كثيرٍ من زملائه العرب.

هيا، أنا هنا بحاجتك، وأنت هناك بحاجتي، اقترب، تعال نطبّب جروحنا، أو نزيدها عمقًا وينتهي الأمر، ها أنا بكامل إرادتي أقرر: أنا مستعدةٌ لدخول تجربةٍ جامحةٍ أخرى..

فيّ شيء يقسم أنك ضحيّةٌ مثلي، ممزّقٌ آخر يبحث عمّن يلزقه، رأيتُ هالة الحبّ التي تحيط بأجساد موتاه تطوّقك، لعلّها هيَ التي جذبتني إليك، قصّ عليّ قصّتك أيها الغريب..

رأيتُ موتى الحبّ يسيرون في شِعب الحياة، وجوههم متبلّدة، لا يفرحون، لا يتألمون، فقط يعيشون، فعشت..

نحن لم نربَّ على قبول الخسارة، بل علّمنا أن الخسارة فعلٌ مشين لا يناله إلا الضعفاء، ترعرعنا على حبّ الفوز والكسب والأخذ، نظنّ الخسارة تعني النهاية، لا نعرف أن الخسارة كثيرًا ما تكون البداية.

لماذا لا نقع إلا في حب المخادعين؟ لماذا لا نعثر على قلبٍ يقدّر حبّنا إلا بعد فوات الأوان؟ ما هو الدرس الذي علينا تعلّمه من ذلك، هل نقفل على قلوبنا ونمنع أيّ أحدٍ من دخولها؟ وهل الأمر بأيدينا حتى نقرر ذلك ؟

احذر يا سيدي، فأصحاب القلوب الطيبة يُجرحون بسهولة، وجروحهم لا تشفى..

نحن لا ننام يا بنيّ إلا بالحبوب المخدّرة والكحول، نثمل حتى ننسى تلك الوجوه التي تلاحقنا بملامحها المرعوبة، نسكر لئلا نحلم بشيء، لنصحو بسرعة قبل أن يسحبوننا إلى الجحيم.

من قال إن زمن الجاهليّة انتهى؟ لا، سيظل أبدًا، الجاهليّة في العقول، لن تفنى ما دام الإنسان حيًّا..

دعيه يرحل بسلام، عيشي حياتك، ابحثي عن قلبٍ جديد، ولكن هذه المرّة بعقلك..

ثمة إنسانٌ يذكرنا بخساراتنا كلّها حين نراه.. وجهه مثل ألبوم صور، كلما رنوت إليه، اخضرّ جرحٌ قديم ونزّ قطراتٍ من حكاياتٍ موجعة.

ترى ماذا فعلنا لك يا بلادي لتقسي علينا هكذا؟ أولسنا من يدافع عن ترابك؟ ألا يضحي أبناؤنا وإخواننا بدمائهم لحمايتك؟ ألم نحتمل في سبيل رفعتك كلّ هم؟ لماذا إذن لا تكشفين عن وجهك الجميل إلا للصوص؟ تبدين لهم مفاتنك ولا نرى منك سوى الوجه العبوس، وجه الفقر والحاجة، وجه الإهانة والذل، ألا تقولين بأننا أبناؤك؟ فكيف تقسو أمٌ على أطفالها.

ما أجمل الحياة حين تعيد السعادة لقلبٍ مزّقته الأحزان!

لو كانت الأوجاع تُرى لاحتضن البشر بعضهم بعضًا ولم يتقاتلوا مطلقًا.

الحب تلك الكلمة السحريّة التي تُخرج أفضل ما في الإنسان.. تعين وردة نفسه على دحض الشوك.. تفتح لها طاقةً تسمح لشعاع الحياة بسقيها لتنمو.. تأخذ بيد الملاك في داخله.. تمده بالقوّة ليهزم الظلام.. فيطلع نوره.. تراه فتحسبه إنسانًا آخر.

نحن نعتقد أن بعض الأشياء تحتاج إلى معجزاتٍ كي تتحقق، لكنها في الواقع لا تتطلب أكثر من أمنية وآمين عميقة.

لذلك هو غريب؛ لأنه لا يجد من يطبطب عليه حين يحزن، من يفتح ذراعيه ليحتضنه عندما يفرح، من يداوي جراحه كلما غلبته ونزفت.

ثمة شيئًا يلحّ عليها، يتوسّلها، يقسم أنه القطعة الناقصة من أحجية حياتها، حجر سعادتها السحريّ، شقّها الآخر.