أحلك الأماكن في الجحيم هي لأولئك الذين يحافظون على حيادهم في الأزمات الأخلاقية.
جحيم دانتي ليس خيالياً.. إنّه توقّع!
بؤس وتعاسة. ويلات وعذاب. هذا هو مشهد الغد.
إن لم تتم السيطرة على الجنس البشري، فإنّه سيصبح مثل طاعون، أو سرطان...
ستتعاظم أعدادنا مع كلّ جيل إلى أن تختفي وسائل الراحة الدنيوية التي كانت تغذّي فينا الفضيلة والأخوّة..
لتكشف القناع عن الوحوش التي تعيش في داخلنا...
فنحارب حتّى الموت لإطعام صغارنا.
هذا هو جحيم دانتي بحلقاته التسع.
هذا ما ينتظرنا.
مع انقضاض المستقبل علينا، فإنّنا نترنّح فوق الحلقة الأولى من الجحيم، ونستعدّ للغوص فيها أسرع ممّا تخيّلنا يوماً.
في بعض الأحيان عليك أن تتراجع وتخسر المعركة، على أمل الانتصار في الحرب.
والطريق إلى الجنّة يمرّ مباشرة عبر الجحيم.
ومن هذا المنطلق كان الحل الذي ابتكره أحد العلماء الأذكياء في مجال الهندسة الوراثية، لحل المشكلة الرئيسية للبشرية وهي الانفجار السكاني.
إن الانفجار السكاني مشكلة صحية، لكن ما أخشاه هو أنه سيؤثر في روح الإنسان نفسها، فتحت وطأة الضغط السكاني، من لم يفكروا في السرقة مطلقاً سيتحولون إلى لصوص لإطعام أسرهم. ومن لم يفكّروا في القتل يوماً سيقتلون من أجل تربية صغارهم، كل خطايا دانتي المميتة: الطمع، والشره، والخيانة، والقتل، إلخ... ستتوالى، وستطفو على سطح البشرية، وستتفاقم بسبب اختفاء وسائل الراحة.
إننا نواجه معركة ضدّ روح الإنسان.
فكان الحل في الحد من تكاثر البشرية، وتقليص أعدادها، ومن هنا تنطلق رحلة العالم روبرت لانغدون لفك شيفرة الطريق والهروب من من يحاولون قتله ومنعه عن هدفة، ويحظى بين الوقت والأخر بمساعدة، ولكن الحائق لا تلبث ان تنقلب، والأصدقاء يصبحون أعداء، والأعداء أصدقاء، ويدخل لانغدون في الحيرة، فمن جراء فقدانه لذاكرته، سابقاً، لم يعرف بمن يستطيع أن يثق، وتتابع الأحداث،،،
من المذهل قدرة دان براون على قلب الحقائق والموازين في اللحظات الحرجة، عدا عن المشاهد الرائعة والتاريخة التي يصفها، وهنا كان وصفه عن مدينة فالانسيا الرائعة ومدينة البندقية واسطنبول.
غير ان استخدامه للأحداث التاريخة الحقيقة، ولـ لوحات الكثير من الفنانين العظماء وكشفه للكثير من الأمور عنها، يكون مدروساً بشكل يخدم به السياق، وهذه القدرة تبين حجم التعب الذي استغرقه من الإعداد العلمي والتاريخي ليدعم به الرواية.