الظلال المحترقة

ملحمة تاريخية مذهلة تبدأ من القنبلة النووية على ناجازاكي باليابان الى نهاية عهد طالبان بعد هجمات ١١ سبتمبر عبر هيروكو وحياتها ، مليئة بالشجن والمعاناة والألم ممتعة لأقصى حد .

لم تكن في قائمة الكتب التي أنوي قراءتها هذا العام أبداً ولا بالمستقبل القريب فهي من الروايات التي ندمت على شراءها منذ البداية وأبقيتها بالرف القريب مني بسبب دار النشر التي أثق بإختيارتها كثيراً ، ألتقطتها يدي صدفة وحملتها معي بأمتعتي مع مجموعة من الكتب برحلة سريعة ولم أتخيل أنني قد أقرأها ، لكن شاءت الأقدار أن انتهي من تلك المجموعة بسرعة قبل أن تنتهي رحلتي ولم يتبقى لدي سواها فقرأتها وندمت على اهمالي لها فترة طويلة من الزمن ولكني لم اندم على قراءتها أبداً . مختلفة عما سبق وقرأت كثيراً ومميزة ، اطلعتني على حياة وتاريخ لم أكن أعلم به ولم يكن من اهتماماتي فأصابني الحزن كثيراً بالمعاناة والمآسي التي تخلفها الحروب على البشر والدول.

نادراً ما اصف تفاصيل الرواية في مراجعاتي حتى لا أحرق الأحداث على من يقرأها بعدي ، لذلك أكتفي فقط بأن أنصح بقراءتها وبشدة.

.

.

.

.

22-7-2017

الكتاب رقم 26/2022

الظلال المحترقة Burnt Shadows

كاملة شمسي Kamila Shamsie

ما كتب: ساحر لدهيناوي

"في الحرب الماضية احترقت البيوت فقط لكن هذه المرة لا تعجب ان اشتعلت النيران حتى بالوحدة

في الحرب الماضية احترقت الابدان فقط، لكن هذه المرة لا تعجب ان اشتعلت النيران حتى في الظلال"

المكان: نجازاكي الزمان: 9 أغسطس 1945 تخطو ھيروكو تاناكا، ابنة الحادية والعشرين والتي على وشك الزواج من حبيبها كونراد فايس، نحو شرفتها قبل دقائق قليلة من الانفجار الذري الذي سيحطم عالمها وكل شيء فيه. «الظلال المحترقة» قصة ملحمية لكوارث يجري الھروب منھا أو مواجهتنا، وإخلاص يمنح ويعاد تسديده، وحب يكافأ أو يخان.

كاملة شمسي: عبر اربع دول وعدة حروب وحقائق مؤلمة لا تزال اثارها باقية وبأحداث ممتدة من الحرب العالمية الاولى الى احداث الحادي عشر من سبتمبر اخذتنا كاملة شمسي روائية باكستانية الأصل بريطانية الجنسية تعيش في لندن و تكتب رواياتها بلغة الإنجليزية.حصلت كاملة على جوائز عالمية اخذتنا الى ثقافات متعددة متنوعة بين بلدان مختلفة عبر 480 صفحة من روايته الظلال المحترقة طبعة 2012.

رحلة هيروكو الشخصية الاساسية: او فتاة الحروب ان صحت التسمية تنوعت رحلة هيروكو الفتاة اليابانية ابنة 21 ربيعا والتي كانت تحلم بحياة مستقرة بين الفرح والالم بحيث اصبحت الخسارة عاملا مهما للاستمرار في الحياة وتعويض ما تم كسره فمن ناجا زاكي 1945 العالم الذي لم يعرف بعد ذهبنا الى دلهي 1947 وطيور محجوبة عبارة عن اثار بقيت للذكرى على شكل طيور هي بالأساس طيور الكميتوا اللباس التقليدي باليابان التزقت بجسد هيروكو وبقيت كعلامة كانت تحول بينها وبين الخادم الباكستاني سجاد لننتقل الى ثقافة باكستان والحياة مع سجاد كزوجة فهم انصاف ملائكة من عام 1967 الى نهاية الثمانين لتبدا مشاكل الحرب النووية بين الهند وباكستان وتقرر هيروكو ان تعيش في امريكيا طلبا للأمان ورغبة منها بعدم اعادة اللحظات والذكريات الصعبة من لتبدا احداث الحادي عشر من سبتمبر والعمل على تعويض الخسارات عبر اجتياح افغانستان والاحداث اتي تلتها.

الاحداث : بعيدا عن الاحداث المؤلمة التي حصلت وتنقلان هيروكو قسمت الرواية الى اربعة فصول:

الحرب الاولى - القنبلة الذرية: تبدأ الروية بهيروكو الشابة الحالمة بالزواج التي ترتدي الزي التقليدي الياباني الجميل من كوونراد الالماني الجنسية في نجازاكي حيث كانت تعيش وكان يعمل في نهايات الحرب العالمية الثانية والتي تجمعها قصة حب بكونراد الألماني الشاب الذي يعمل مزارعا ليحدث التغيير الجذري في حياتها بعد مقتله، حيث تسقط القنبلة الذرية لتنهي الحياة كما عرفتها، وتفقد كل من كونراد وأبيها الذي شاهدته يموت أمامها وهو أقرب للزواحف منه للبشر بعد ما شوهته القنبلة. ويمكن اعتباره بداية التغيير حيث خرجت بطيور مخبئة ومجموعة جروح وحياة لم تعد كما كانت.

الحرب الثانية -الهند واحداثها: لم تعد الجياة ولن تعود بشكل طبيعي قبل الفقد يختلف عما بعده المدينة اصبحت ميتة والناس مجروحون لذلك كان لابد من الرجيل الى اليزابيث اخت الحبيب في رحلة لشفاء الروح وهنا تبرز شخصية اليزابيث فهي شخصية مركبة ومعقدة من خلال علاقتها بزوجها وطلاقها من بعد خروج الانجليز من الهند

لكن الهند هنا غيرت هيروكو من خلال تغرقها على سجاد وتتعرف كذلك على “سجاد”، الشاب الذي التقى به كونراد في إحدى زياراته للهند، وعرفه على زوج أخته ورشحه ليعمل معه، ليصبح كما لو أنه أحد أفراد العائلة لتتزوجه بعد قصة حب في فترة عصيبة من تاريخ الهند حيث اصبحت دولتان وولدت دولة جديدة تسمى باكستان بسبب الاختلاف الديني والديمغرافي لتعيش الحرب الثانية عام 1947 حيث قتل حوالي عشرين مليون شخص نتيجة الاحداث وقد حاول الزوجان الحديثان الهروب من هذا الصراع المرير، فرحلا إلى تركيا في رحلة شهر عسل مهداة من الزوجية جيمس وإليزابيث، ولكن عندما قررا العودة وجد سجاد أن الهند أغلقت أبوابها في وجه لتبدا الخسارة الاولى هي خسارة الوطن والبحث عن الهوية الضائعة

الحرب الثالثة البحث عن الهوية في باكستان: هنا هيروكو اليابانية وسجاد المسلم الهندي أصبحا للمرة الثانية بلا وطن حيث عليهما البحث عن هوية جديدة وطن جديد قومية جديدة عالم جديد هنا اصبحت اما لرضا صاحب الثلاث جنسيات باكستاني هندي ياباني، ورث قدرة أمه على تعلم اللغات بسهولة، لذلك أصبح مواطناً عالمياً، لكن ملامحه المختلفة وقدراته لم تساعده أو تحميه في العالم، بل ورطته في العديد من الكوارث، وكانت محركاً رئيسياً لكوارث عظيمة حصلت , فبالرغم من كل ما حصل حاولت هيروكو وسجاد العيش بسلام داخل الوطن الجديد حيث عمل كمدرسة لكن بقي الشعور طوال الوقت أنهما مهاجرين غرباء، بسبب الهوية المختلطة لكل افراد العائلة لتضيع العائلة في زحمة الاحداث والحرب الدائرة بين البلدان الثلاث التي نشأت من تفتت القارة الهندية الى ثلاث دول الهند وباكستان وبنجلادش حيث ظهرت القوى الاستعمارية القوية والقطبان العظيمان وتقسمت كوريا الى دولتين معلنة مأساة العالم المعاصر المستمرة الى الان.

الحرب الرابعة – نيويورك وأفغانستان

هنا قررت هيروكو الهرب الى الولايات المتحدة الامريكية فهي لم تعد تحتمل التهديد النووي والحرب الطاحنة بين بلدان القارة الهندية (الهند وباكستان) لقد وصل الصراع الى التهديد بضرب فنبلة جديدة

الحرب الرابعة نيويورك – أفغانستان: ارادت هيروكو ان تعيش بأمان بعد وفاة زوجها مع ابنها رضا لذلك اختارت أمريكيا لتجد نفسها في حرب جديدة حرب فرضت عليها ضحيتها ابنها الذي يعمل مع ابن اليزابيث فهو يعمل في شركة امنية في أفغانستان مع هنري ولكن حتى نيويورك ليست بعيدةً عن المصائب التي كما لو أنها تطارد هيروكو شخصيا بعد سقوط البرجين ، لتجد نفسها طرفاً في الصراع الأمريكي الأفغانستاني رغماً عنها ويعتقل ابنها بتهمة الإرهاب وتعلن الحرب على افغانستان وترى اللاجئون الأفغان وهم يرتمون في شوارع باكستان عبر مخيمات اللجوء لتعيش حربا جديدة كانت الخسائر فيها اكبر من كل شيء .

وأخيرا: الكتاب يتحدث عن الوطن الذي طحنته الحروب وطن ضائع كل شخص في الرواية وجد الوطن من منظوره الشخصي لكن بقيت الهوية عالقة نقلتنا تلك الهوية بين قصص التاريخ والجغرافيا والعلاقات السياسية والدمار وثقافات الشعوب والاختلاف الديني كما حصل بين هيروكو وسجاد ومرور الزمن للتنقل بين احداث جديدة لكنها صعبة

لقد تحدثت الكاتبة عن الحرب ودور القوى العظمى فيها ومن يدفع الثمن وكانت نهاية الرواية متطابقة مع الاحداث باعتقال رضا ووقوف هيروكو وحيدة ماذا بقي فهي نقلة نوعية بين عدة ثقافات بلاد تواريخ ولاننسى الحروب.

4.75\5

الوصف المكتوب في الغلاف الخلفي للكتاب كافٍ للغاية ولذلك سوف أقوم باقتباسه هنا وحسب:

"ناجازاكي - التاسع من أغسطس سنة 1945. تخطو هيروكو تاناكا نحو شرفتها مرتدية ثوب الكيمونو الذي ورثته عن أمها والذي يحمل رسماً لثلاثة طيور. إنها في الحادية والعشرين من عمرها، وعلى وشك الزواج من كونراد فايس الألماني ذو الروح الجميلة. في ثانية واحدة يتحول العالم إلى لونٍ أبيض لامع (سقوط القنبلة النووية على ناجازاكي). بعد الانفجار الذي محى كل آثار للوطن كما عرفته هيروكو في حياتها، لم يتبق لها منه إلا حروق على ظهرها على شكل ثلاثة طيور كتذكار لا يمحى عن العالم الذي فقدته. بعد سنتين تسافر هيروكو إلى دلهي في الهند لتقابل عائلة كونراد. وهناك تلتقي بسجاد أشرف الهندي المسلم الذي يعمل لديهم. وتستمر الحياة بأخذها في رحلات من الهند إلى تركيا مروراً بباكستان وإلى نيويورك في ظل أحداث الحادي عشر من سبتمبر".

لقراءة بقية المراجعة يرجى زيارة مدونتي:

****

ليس بمقدوري أن أكتب مُراجعة دقيقة تفصيلية عن هذه الرواية

سأكتفي بأن أقول أن هذا العمل يجب أن يُخلّد .

ويقرأه الجميع من كافة الجنسيات.

اليابانيون، الأفغان ، الباكستانية ، الهنود ، والأمريكان كذلك .

وبجميع الأديان كذلك.